أحداثها (من وجهة نظره) وكان صديقًا شخصيًا للقائد جاللوس، ثم رجل آخر اختلف الحكم عليه، وهو رجل من الأنباط ترأس قومه الذين رافقوا الحملة واعتبره الرومان دليلًا لهم على أساس خبرته بالطرق البرية في شبه الجزيرة وخبرته بطرق العرب في القتال، وقد ذكره استرابون باسم سلياؤوس وهو اسم قد يكون محرفًا عن اسم صالح أو سلي أو سلاء (يراجع عنه بعده).
ورجعت أسباب فشل حملة جاللوس إلى عدة عوامل ذكر استرابون بعضها، ومنها عدم كفاية جاللوس في قيادة البحر وتنظيم الأسطول بحيث فقد كثيرًا من سفنه قبل أن يصل بها إلى ميناء الحوراء، وإنفاقه أغلب جهده في إعداد سفن مقاتلةلم تكن لها ضرورة ملحة في حملته لأنه لم يكن من المنتظر أن يقاتله العرب في البحر. ولعله عدل لهذا إلى طريق البر وسار بجيشه في طرق صحراوية وجبلية طويلة وعرة تمتد نحو ١٢٠٠ ميل من الحوراء أو أملج إلى داخل اليمن، وكان يستطيع أن يتابع طريقه في البحر ما دام قد بدأه حتى ساحل اليمن، وقلة الماء خلال حصار مأرب، وتفشى الجوع والأوبئة حولها، فضلًا عن عدم إخلاص الدليل النبطي في النصيحة للرومان.
وإذا زدنا شيئًا على تحليل استرابون فهو وضع مقاومة العرب لجيوش الرومان موضع الاعتبار في عدة معارك كانت إحداها عند نهر ذكره استرابون وقد يكون هو غيل خارد، وشدة تحصن السبأيين في عاصمتهم مأرب ومقاومتهم للحصار الروماني. وأخيرًا تفسير عدم إخلاص الدليل النبطي للرومان برغبته في الوفاء لبني عمومته العرب مما خيب آمال السادة الرومان.
ويبدو أن تجار الرومان قد وجدوا سبيلهم بعد ذلك إلى موانئ بلاد العرب الجنوبية عن طرق أخرى غير طرق الحرب، فتحالفوا كما يفهم من بعض الروايات المتأخرة مع أمير ظفار الحميري على أن يقدم لهم بعض الامتيازات الإقليمية، وربما نجحوا في أن يتركوا بميناء عدن جالية أو حامية رومانية تساعد سفنهم ضد أخطار القرصنة في البحر وتشرف على مصالحهم التجارية.
واستردت دولة سبأ كيانها بعد فشل الحملة الرومانية، وانفسح السبيل أمامها في الداخل بعد أن انكمش نشاط دولة قتبان وخسرت كيانها السياسي شيئًا فشيئًا تحت تأثير ضربات السبأيين والحضرميين والحميريين خلال القرن الأول الميلادي وبعده بقليل، كما مر بنا من قبل.
ولكن سبأ لم تنتفع بهدوئها طويلًا، وأخذت المشكلات الحدودية والداخلية تعمل عملها السيئ فيها، الأمر الذي قلل من هيبتها أمام القوتين الباقيتين في