الهجري ولم تعره الخلافة العثمانية أي اهتما يذكر لاعتبارات كثيرة منها قلة موارده المالية، وصعوبة مسالكه، وكلفة السيطرة على سكانه مع التكتلات القبلية القائمة في هذه المنطقة، واضطراب حبل الأمن فيها ونفور سكانها من العناصر الأجنبية عليها إلى جانب اتساع رقعتها وصعوبة ضبطها ولهذا تركت هذه المنطقة مهملة طيلة العهد العثماني لم تمتد إليها يد الإصلاح ولم تصلها رحمة حانية من الولاء بل تركت وشأنها ليكن النفوذ فيها للأقوى من أهلها ولهذا استقل كل أمير ببلده وكل رئيس عشيرة بقبيلته.
ولما بدأت حركة الإصلاح والتجديد في نجد لم تعرها الخلافة العثمانية في بدء قيامها أي اهتمام بل تركتها تتصارع مع قوى المعارضة الداخلية دون تدخل يذكر من الخلافة العثمانية وكل ما كان من تدخل من خارج المنطقة إنما كان يتمثل في بعض الرسائل والكتب التي أصدرها وكتبها العلماء في البصرة والشام والحرمين الشريفين واليمن وغيرها ضد الشيخ محمد بن عبد الوهاب ودعوته. وقد أعطى تأخير تدخل المعارضة الخارجية فرصة جيدة لحركة الإصلاح في نجد للامتداد والتوسع وجمع الأنصار وزيادة الأتباع.
ولما وصل مد الدعوة إلى الحرمين الشريفين وسواحل الأحمر والخليج العربي وأطراف الشام والعراق وأعلنت مبادئ الدعوة في مواسم الحج وفي المناسبات الإسلامية وحصل الاحتكاك المباشر مع ولاة الخلافة العثمانية في الخليج والبصرة والحرمين الشريفين والمحمل المصري والشامي وغيرها، وبدأت الخلافة العثمانية تنظر لهذه الحركة نظرة جادة وخطيرة، وبدأت تخطط لمحاصرة هذه الدعوة وتقليص نفوذها وتأييد المعارضين لها في الداخل والخارج، ورسم سياسة إعلامية واستراتيجية وعسكرية لمواجهة هذه الدعوة والإجهاز عليها. واعتبرت هذه الحركة حركة سياسية ودينية انفصالية خطيرة تهدد وجودها في شبه جزيرة العرب وتنذر بقيام حركات انفصالية في أقطار أخرى من العالم، وأن على الخلافة العثمانية أن تحافظ على قوتها وهيبتها أمام جميع القوى المعاصرة لهذه الدعوة ولن يكون إلا بتأديب الخوارج