بعد هذه السياحة التي أرجو أن تكون ممتعة في تاريخ وفكر حركة الإصلاح والتجديد في نجد في العصر الحديث على يد المصلحين العظيمين الشيخ محمد بن عبد الوهاب والإمام محمد بن سعود رحمهما الله تعالى وحقيقة الدعوة ومنهاجها التربوي والشبهات التي أثيرت حولها والآثار التي تركتها لا في داخل جزيرة العرب وحدها بل في العالم الإسلامي كله وأنها تمثل الومضة الأولى لحركات الإصلاح والتجديد في العصر الحديث وقيامها في بيئة متخلفة من الناحية الثقافية إذا قيست بحواضر العالم الإسلامي وفي منطقة مهملة في عهد الخلافة العثمانية التي كانت باسطة نفوذها على العالم الإسلامي في معظم دياره.
وهذا يؤيد صدق نظرة علماء الاجتماع السياسي الإسلامي الذين قالوا إن العرب لا تقوم دولتهم إلا على عصبية أو دعوة دينية وأنها متى توافرت واحدة منهما سهلت قيام الدولة في العرب وأن قيام الدول واستمرارها أو اندثارها يتم وفق سنن ثابتة لا تتغير ومتى تم الأخذ بهذه السنن فإن الله سبحانه يحقق بفضله النتائج على وفقها.
وقد توافر لهذه الحركة الإصلاحية عصبية دينية تتمثل في اتباع هذه المدرسة من الأمراء والعلماء والعامة كما توافر لها عنصر مهم آخر هو القوة الممثلة في إمارة الإمام محمد بن سعود في الدرعية، وتوافرت لها الأرض التي تأمن فيها وتنطلق منها وهي مدينة الدرعية وتوافر لها الأفراد المؤمنون بهذا الدين والعاملون على إحيائه والباذلون في سبيله كل ما يملكون وقد تأزرت هذه الأسباب في تحقيق النجاح لهذه الدعوة الإصلاحية.