وإذا كانت هذه الحركة كوجود سياسي تمر بمراحل قوة في مدها كما تتعرض لفترات ضعف أو زوال تحت مختلفة فإنها ظلت راسخة في نفوس الناس عميقة الأثر في البناء الاجتماعي في جزيرة العرب تحوطها القلوب وتحرسها المشاعر ويتطلع إلى ظهورها الناس في كل وقت وهذا يفسر للباحث السر العميق في قيام الدولة السعودية في كل دور من أدوارها الثلاثة بعد زوالها ويسهل فهم سر الانبعاث السريع لقيام الدولة السعودية على يد المجددين من قادتها في كل فترة.
كما أن تعرض هذه الحركة الإصلاحية كوجود سياسي إلى الزوال والاندثار في فترات من التاريخ ترجع إلى سوء مغبة الانحراف من منهج الحركة والتساهل في الأخذ بالأسس التي قامت عليها الدعوة الإصلاحية واستقطب الناس بها حولها وأنه متى تخلف عن الأخذ بالسنن الكونية التي جعلتها علامة على الظهور تخلف بإذن الله من النتائج بمثل ما قصرنا به من الأخذ بهذه السنن ولأن الخير أصل وثابت في منبت قيادة هذه الحركة الإصلاحية فإن ما يحصل لها في بعض فترات التاريخ من ضعف وإجهاد إنما هو نوع من التأديب الرباني الذي يمحص الله به الذنوب ويرفع به الدرجات ويذكر بالأصول الثابتة المكينة لهذا الدين وأن العز والتمكين لا يكون إلا بالأخذ بها حتى لا تغيب عن البال ولاتنسى في ضجيج الحياة وصخب الناس وحتى تعود القيادة إلى مقرها وهي أشد ما تكون وعيا واحتراسا وصدقا ولله في خلقه شئون.
وهذه الصفحات الملونة في تاريخ هذه الحركة الإصلاحية أكبر دليل على أهمية التزام هذه الدعوة بالأسس التي قامت عليها وأهمية الاعتماد على العناصر المؤمنة بها في كل جيل وتبين خطر التساهل والغفلة عن هذه المعاني في مسيرتنا في الحاضر والمستقبل.
والله هو الموفق والهادي إلى سواء السبيل وهو حسبنا ونعم الوكيل.