كان إمام هذه المدرسة الشيخ محمد بن عبد الوهاب الذي أخذ العلم عن والده وعلماء بلده ثم رحل في طلب العلم والأخذ عن شيوخه في الحرمين الشريفين وفي البصرة والاحساء وغيرها. ولم يكن كما يقول خصوم الإمام محمد بن عبد الوهاب بأنه أخذ العلم من غير معلم، وأن معلمه كان كتابه فرحلاته العلمية معروفة وأخذه من شيوخه كان ظاهرا وآثاره وفقهه أكبر شاهد على ذلك.
فلما أعد نفسه إعدادا راسخا في العلم وتمكن من فهم علوم الدين من تفسير وحديث وعلومهما وفقه وأصول وتوحيد وتاريخ وسيرة ولغة عربية وأدواتها وبرع في علم الفرائض وغيرها، وفهم واقع الناس في الحياة اليومية في مختلف مناحي الحياة في العقيدة والسلوك والآداب والأخلاق والمعاملات، وأدرك الفارق الكبير بين حقيقة التوحيد كما جاءت من عند الله في نصوص شرعه وما كان عليه الناس في زمانه وحدد المسافة بين ما أراده الله من خلقه وشرعه لعباده وما هم عليه وعقد العزم على القيام بحركته الإصلاحية التجديدية منطلقا بها من نجد بل من مقر إقامته وأسرته في بلده حريملاء، كان أول خطوة في حركة الإصلاح الجديدة التأسيس على أصول علمية تستند إلى نصوص الشريعة في الكتاب والسنة وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وسيرة السلف الصالح في عصور الإسلام الزاهرة والقرون المفضلة.
فجلس لطلاب العلم في المسجد في حريملاء يدرسهم في مختلف علوم الشرعية ويتدرج بهم من البسيط إلى المركب، ومن الواضح إلى الخفي، ومن القليل إلى الكثير، ويبث في هذه المدرسة روح التحرر من قيود الواقع والمألوف إلى معرفة مراد الله في شرعه، والاستقلال في فهم دينه، وإجراء مقارنة لطلاب العلم بين ما أراد الله من خلقه وما يفعله الناس في زمانه وتحديد المسافة بين المطلوب والواقع. ونفث هذه الروح الإصلاحية العلمية المؤصلة في دروسه وبين طلابه وشوقهم إلى تخطي