ممن كتبوا عن تاريخ الأسرة السعودية عامة والملك عبد العزيز خاصة من خارج المملكة، ولم يعرفوا نفسية هذا الشعب المسلم، وتاريخ هذه الأسرة الكريه وضربها بسهم وافر في خدمة الإسلام وتحقيق العدل حتى جعل النفوس تحن إلى المصلحين من أبنائها كلما فسدت الأحوال أو حصل انحراف عن الدين.
وفي مقابل ظهور إمارة الدرعية على غيرها منذ قيام دعوة الإصلاح ماذا يعرف المثقفون فضلا عن عامة الناس في نجد عن إمارة الرياض وأسرة دهام بن دواس وعن غيرها من الإمارات والبيوت التي ناوأت الدعوة وتزعمت المعارضة في الداخل أو الخارج. لقد كان حظهم الإهمال والنسيان والفناء المعنوي وموت الذكر. ولولا تاريخ حركة الإصلاح وذكرهم في أخبارها لما عرف من أخبارهم إلا القليل النادر.
وكل هذه عظات وعبر لمن تدبر التاريخ واعتبر بأحداثه وحاول استكشاف كنوزه ووعى سنة الله في خلقه ولن تجد لسنة الله تبديلا. ولكن النعم ولين العيش وطول الأمد ينسي هذه الأمر. وأولى الناس بالتدبر والاعتبار من رفع الله ذكرهم بهذا الدين وأعزهم بهذه الدعوة المباركة وجعلهم بها أئمة وملوكا ليزيدهم ذلك فقها بأصول العز ومصدر التمكين في الأرض، مصداقا لقوله تعالى:{وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} .
وهي سنة الله ماضية في الخلق ضاربة في التاريخ. ولعل في وعي هذه الأصول وفقه التاريخ ما يعصم من الزلل ويمنع من الانحراف ويسدد السالكين على جادة الحق ومنهج الصواب إذ ليس بين الله وبين خلقه حسب ولا نسب وإنما هو فضل الله يؤتيه من يشاء بفضله ويصرفه عمن يشاء بحكمه. والناس عيال الله وأحب الخلق أنفعهم لعياله وأعظمهم النفع ما جمع الدنيا والآخرة ونحن اليوم أحوج ما نكون إلى وعي هذه الحقائق في زمن تكالبت علينا فيه الأمم وراج فيه سوق الباطل وتعددت فيه السبل، والأمة الإسلامية في مسيرتها تقف على مفارق الطرق ولا نجاة لها إلا بهذا الدين، والله غالب على أمره ولكن الناس لا يعلمون.