للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالمحرمات والمكروهات جهرا "حتى قال وتعذرت الأسفار بين البلدان وتطاير شرر الفتن في الأوطان وظهرت دعوى الجاهلية بين العباد وتنادوا بها على رؤوس الأشهاد"١

هذا ولما كانت هذه الدعوة الإصلاحية قد حلت محلها العميق من النفوس واستقرت في مقرها من الوعي والشعور لدى الناس فإنه على الرغم من قضاء الأتراك على هذه الحركة كوجود سياسي قضاء مبرما حتى هدمت كل مباني الدرعية وقتلت خيرة الرجال لا في الدرعية فحسب بل وفي كل البلاد الواقعة تحت سلطان هده الدعوة وأوقع بهم من البلاء والمحنة وأعمل فيهم السيف بلا رحمة وبما يعجز القلم عن وصفه من تلك المجازر الجماعية التي لا يفرق فيها بين المقاتل والشيخ الكبير أو المرأة الضعيفة والطفل الصغير حتى بعد استلام الأتراك لمقاليد الأمور في نجد ما أن عادت الجيوش الغازية بما حققته من نصر كبير حتى عادت إلى استئناف حياة إسلامية جديدة على يد ابن بار من أبناء هذه الدعوة هو الإمام تركي بن عبد الله. وبذلك بدأ عهد جديد يعرف في التاريخ الحديث بالدور الثاني للدولة السعودية. وظلت هذه الدولة تتعرض للاندثار كلما قصرت في الالتزام بمبادئ هذه الدعوة الإصلاحية وتعود للظهور كلما صدق قادتها مع الله، والله بالغ أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

وتاريخ الإمارة السعودية مع الدعوة عبر التاريخ أكبر شاهد على ظهور الأسرة السعودية على الناس كلما التزمت بواجبها في القيام بحق هذا الدين واستمسكت بحبله وأنها كلما قصرت في قيامها بهذا الواجب أو حصل فيها ميل عنه توقف مدها وسلط عليها أعداؤها حتى تفيء إلى أصول الدعوة التي قامت عليها. وهذا ما يفسر به كثير من مؤرخي المنطقة نهاية الدولة السعودية الأولى والثانية وعودتها إلى منصة القيادة بقيادة كل من الإمام محمد بن سعود في الدور الأولى، والإمام تركي بن عبد الله في الدور الثاني، والملك عبد العزيز في الدور الثالث، وهو أمر لم يفهمه كثير


١ المرجع السابق، ص ٢١٢، ٢١٣.

<<  <   >  >>