للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر باذلا للمال في وجوه الخير. فمضى صدر من إمارته في عز ومنعة وقوة إلا أن الخلافة العثمانية وجدت أنه لا بد من المفاصلة مع هذه الحركة الإصلاحية التي تعدها مقدمة لحركات انفصالية في العالم الإسلامي. فأرادت أن تؤدبها وتؤدب بها كل من تسول له نفسه الخروج على الخلافة العثمانية فندبت لهذه المهمة الخطيرة محمد علي حاكم مصر من قبل الأتراك. فجمع لهذه الحملات التدميرية من الإمكانات المادية والبشرية ووفر لها من أسباب النجاح ما يضمن لها القضاء على هذه الدعوة الإصلاحية الأولى في العالم الإسلامي في العصر الحديث.

ووكلت عملية التنفيذ إلى جبار من جبارة القادة العسكريين الأتراك هو إبراهيم باشا. وبدأت سلسلة من المعارك الطاحنة بين الدولة السعودية وبين الجيوش التركية عبر عدة سنوات انتهت بالقضاء التام على القادة السياسية لهذه الحركة الإصلاحية وهدم قاعدتها الدرعية وإجلاء كل سكانها والقضاء على رجالات المنطقة في حملة ظالمة شرسة لا تعرف الرحمة. وبذلك طويت صفحة من صفحات هذه الحركة الإصلاحية.

تحدث ابن بشر رحمه الله عن سيرة الإمام عبد الله بن سعود فقال: "وكان عبد الله ذا سيرة حسنة مقيما للشرائع آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر كثير الصمت حسن السمت باذل العطاء ولكن لم يساعده القدر وهذه سنة الله في عباده"١ وقال "وكان صالح التدبير في مغازيه ثبتا في مواطن اللقاء، وهو أثبت من أبيه في مصابرة الأعداء، وكانت سيرته في مغازيه وفي الدرعية في مجالس الدرس وفي قضاء حوائج الناس وغير ذلك على مسيرة أبيه سعود فأغنى عن إعادتها"٢

ووصف ابن بشر رحمه الله نجدا بعد أسر الإمام عبد الله بن سعود وهدم الدرعية والقضاء على قادة ورجالات وعلماء الدعوة الإصلاحية في نجد وحالة الناس فيها فقال: "قلت فيها نظام الجماعة والسمع والطاعة وعدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى لا يستطيع أحد أن ينهى عن منكر أو يأمر بطاعة وعمل


١ عنوان المجد في تاريخ نجد للشيخ عثمان بن بشر ج١ ص ٢١١.
٢ عنوان المجد في تاريخ نجد للشيخ عثمان بن بشر ج١ ص ٢١١.

<<  <   >  >>