بعد انبلاج فجر الإسلام وبزوغ شمسه وظهوره على الدين كله وإتمام الرسالة الخاتمة وإقامة مجتمع إسلامي فريد في التاريخ يمثل القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة في أكمل صورة في جوانب الحياة كلها وانطلاق الأمة المسلمة بهذا الدين الخالد والرسالة الخاتمة، داعية له ومبشرة به ومجاهدة في سبيل نشره وإعلاء كلمة الله في الأرض ومعطية من نفسها القدوة الحسنة والمثال الكريم يتقدمها نبي الهدي عليه الصلاة والسلام، ولم ينتقل صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى حتى تركها على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، حمل الأمانة من بعده أفضل هذه الأمة بعد نبيها وهم صحابته الكرام عليهم من الله الرحمة والرضوان لهم جميعا منا الحبة والولاء والاحترام والدعوات المخلصة بأن يجزيهم الله عن هذه الأمة ونبيها ودينها خير الجزاء. فقام بالأمر والإمامة في هذه الأمة بعد نبيها عليه أفضل الصلاة والسلام خلفاؤه الراشدون رضي الله عنهم وأرضاهم فقادوا الأمة إلى الخير وأقاموا فيها العدل وقاموا بواجب الدعوة ونشر الإسلام وحراسة الدين ورفع لواء الجهاد في سبيل إعلاء كلمة الله وسارت الجيوش الإسلامية في البلاد مشرقة ومغربة لنشر الهدي ورفع الظلم وتحقيق العدل ورد الناس إلى الله، ثم جاءت بعد الخلافة الراشدة الدولة الإسلامية المجاهدة "الدولة الأموية" التي نذرت نفسها في سبيل الله ورفعت راية الإسلام عالية خفاقة حتى أخذت راية التوحيد أبعد مدى لها في الأرض واحتلت ثلاثة أرباع المعمورة المعروفة حينذاك ثم قامت على أنقاضها الدولة العباسية وفي صدر هذه الدولة الإسلامية العظيمة وطدت أركان الخلافة الإسلامية ومصرت الأمصار وتكونت حواضر العالم الإسلامي، وإذا كانت الفتوحات الإسلامية قد توقفت في هذه الفترة التاريخية عن طريق الجهاد المعلن والجيوش الفاتحة، فإنه لم