عند قيام حركة الإصلاح في نجد كانت المنازعات على أشد ما تكون بين الحاضرة والبادية وبين القبائل العربية فيما بينهما وبين كل مدينة أو قرية في الحاضرة مع جارتها بل بين الحمايل داخل كل بلد وأحيانا بين أفراد الأسرة الواحدة. وكانت المنازعات تقوم على أمور مادية صرفة كالمال والأملاك والمسائل والماء والكلأ وبعض الوظائف الاجتماعية والدينية والسياسية. وكانت نجد حمام دم يلمس ذلك من يقرأ تاريخ هذه المنطقة في كتابات مؤرخي تلك الفترة من أهلها. وكانت هذه المنازعات نتيجة ضعف الوازع الديني وكثرة الجهل وقيام العصبيات الجاهلية للقبلية والبلد والإقليم والمذهب والأخذ بالثأر وغيرهما.
ولما جاءت هذه الدعوة الإصلاحية التي قامت على الدين أيقظت في الفرد وازع الدين وإحياء الضمير بما نشرته من علم شرعي وفهم سليم لمبادئ الإسلام وبما أوجدته من هدف مشترك للناس في تجديد الدين ودعوة الناس إليه ومحبة أهله ومعاداة أهل الفسق والكفر والفجور، وإحياء مبدأ الولاء والبراء في الدين وتغيير نظرة الناس إلى الحياة والروابط الاجتماعية فيها وإقامتها على أسس إسلامية مبتغى بها وجه الله والدار الآخرة فأوجدت بهذه الأمور كلها ثورة في المجتمع على نفسه في عاداته وروابطه وأهدافه ووجهت كل جهوده إلى ما يعود عليه بالنفع والفائدة في الدين والدنيا معا.