وهذه في مجال تحقيق التكافل الاجتماعي والأدبي عملت على نشر العلم الشرعي تعلما وتعليما وإقامته في حياة أتباعها عملا معاشا فما عرف من الشرع حسنه وقصد الشارع إليه عملوا على الأخذ به وتثبيته في واقع الحياة وأمروا به الناس وألزموا العامة به قدر المستطاع. وما عرف من الشرع قبحه والقصد إلى تركه تركوه جملة ونهوا عنه وألزموا الناس بالكف عنه. ولذا كان من أهم ما قامت عليه هذه الحركة مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو باب واسع يتحول بالممارسة والاعتياد إلى عرف عام ورباط اجتماعي أدبي تنموا في ظله الفضيلة وتختفي منه الرذيلة ويتكون به مجتمع حي نظيف ينمي الخير ويرفض الشر منازلهم في الحياة بمقدار منزلتهم من الدين علما وعملا واهتمام هذه الحركة الإصلاحية بهذا الأمر أشهر من أن يذكر إذ يكررونه في كل مناسبة من كتبهم ورسائلهم وموقفهم العامة والخاصة وفي مجموعة رسائل الإمام محمد بن عبد الوهاب أكثر من خمس عشرة رسالة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع أن رسائله كلها لا تخلو من التنويه بهذا المبدأ ودعوة الناس للأخذ به وإعلانه في مجتمعاتهم.
أما في مجال التكافل المادي فإن هذه الدعوة قد اهتم قادتها برعاية المساكين والمحتاجين والفقراء وتقديم المساعدات المتكررة لهذه الفئات الاهتمام بجباية الزكاة في الثمار وبهيمة الأنعام وعروض التجارة وصرفها في مصارفها الثمانية التي حددتها آية التوبة إلى جانب الصدقات العامة وتوفير فرص العمل وتأمين الطرق لتحقيق انتشار الناس في الأرض وسعيهم في طلب الرزق الحلال والضرب في سبيل الله وإلزام القادرين على النفقة على الفقراء من أقاربهم حسبما قرره الفقه الإسلامي وأخذ الحق لهم من الأقوياء بصورة كاملة ودائمة ومنع ظلمهم بقوة السلطان وإحياء وازع الضمير في تحقيق التراحم بين أفراد المجتمع وبيان فضل الإحسان إلى الأيتام والفقراء والمساكين والضعفاء وأبناء السبيل وأصحاب الحمالات وإشعار الأغنياء أن في أموالهم حقا غير الزكاة وأن الزكاة الواجبة هي الحد الأدنى لا يجوز قبول أدنى منه وأن السخاء والكرم والجود ابتغاء مرضاة الله يقتضي بألا يبيت مسلم وجاره جائع.