لاقتبس من كلامه وانقل من صور الموافقات. ولكن ما أشرت إليه هنا يعطى مفتاحا لهذا الموفقات والله هو الموفق.
مقام الشيخ رحمه الله في الدرعية:
لم يكن مقام الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في الدرعية مقام المسلم الواعظ فحسب ولكنه كان معلما وواعظا وقدوة حسنة في حياة وسيرته الذاتية، وكان مع ذلك كله في دفة القيادة جنبا إلى جنب مع الإمام محمد بن سعود في رسم السياسة، وإيواء الوافدين إلى الدرعية من الأنصار والمؤيدين ومواساتهم، ورفع كثير من المعاناة التي عانوها في بداية حياتهم فيها.
وهو مع هذا يجهز الجيوش ويقود الحملات ويتولى جباية الأموال وتقسيم الغنائم ومكاتبة البلدان وأمرائها وعلمائها ويقابل الوفود ويتولى بيت المال فلا يصرف شيء من المال إلا بتدبيره وإشارته وتوجيهه. وكان تفاهمه مع الإمام محمد بن سعود تاما على كل هذه القضايا بلا أي حساسيات. وهو لم يكن طامعا في حكم ولا راغبا في إمارة ولا ساعيا وراء شهرة أو مجد شخصي، ولكنه رجل دعوة وقائد حركة إصلاح وحامل عقيدة ومؤدي وظيفة في المجتمع. وكل همه نشر عقيدة التوحيد ولم شعث هذه الأمة وإعادة الحياة الإسلامية في مختلف جوانب الحياة إلى الأمة التي ولد فيها وتربى في أحضانها وملأ حبها كل جوانحه وملك عليه كل مشاعره ليخرجها بهذا الدين من ظلمات الجهل إلى نور العلم والإيمان.
يقول المؤرخ الشيخ عثمان بن بشر في وصف سخائه على ضيوفه الوافدين إليه وخفض جناحه لطلاب العلم "وكان عطاؤه عطاء من وثق بالله لا يخشى الفقر بحيث إنه يهب الزكاة والغنيمة في موضع واحد لا يقوم ومعه منها شيء، ويتحمل الدين الكثير لأضافه وسائر الوافدين إليه، وعليه الهيبة العظيمة التي ما سمعنا بها اتفقت لغيره من العلماء والرؤساء وغيرهم. وهذا شيء وضعه الله في القلوب، وإلا فما علمنا أحدا ألين ولا أخفض جنابا منه لطالب علم أو سائل أو ذي حاجة أو مقتبس