للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يعبدون الملائكة والصالحين، ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله، فبعث الله الرسل وأنزل الكتب تنهى عن أن يدعى أحد من دونه، لا دعاء عبادة ولا دعاء استغاثة.

واعلم أن المشركين في زماننا قد زادوا على الكفار في زمن النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم يدعون الملائكة والأولياء والصالحين، ويريدون شفاعتهم والتقرب إليهم، وإلا فهم مقرون بأن الأمر لله، فهم لا يدعونهم إلا في الرخاء، فإذا جاءت الشدائد أخلصوا لله. قال الله تعالى: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ} الآية.

واعلم أن التوحيد هو إفراد الله سبحانه بالعبادة، وهو دين الرسل الذين أرسلهم الله به إلى عباده، فأولهم نوح عليه السلام أرسله الله إلى قومه لما غلوا في الصالحين وداً وسواع ويغوث ويعوق ونسراً. وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم وهو الذي كسر صور هؤلاء الصالحين، أرسله الله إلى أناس يتعبدون ويحجون ويتصدقون ويذكرون الله كثيراً، ولكنهم يجعلون بعض المخلوقات وسائط بينهم وبين الله تعالى، يقولون: نريد منهم التقرب إلى الله، ونريد شفاعتهم عنده، مثل الملائكة وعيسى ومريم وأناس غيرهم من الصالحين، فبعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم يجدد لهم دين أبيهم إبراهيم، ويخبرهم أن هذا التقرب والاعتقاد محض حق الله تعالى لا يصلح منه شيء لا لملك مقرب ولا لنبي مرسل، فضلاً عن غيرهما، وإلا فهؤلاء المشركون يشهدون أن الله هو الخالق وحده لا شريك له، وأنه لا يخلق ولا يرزق إلا هو، ولا يحيي ولا يميت إلا هو، وأن جميع السموات السبع ومن فيهن، والأراضين السبع ومن فيهن كلهم عبيده وتحت تصرفه وقهره.

فإذا أردت الدليل على أن هؤلاء المشركين الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم

<<  <   >  >>