للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الباب الثامن: طبيعة الدعوة]

...

طبيعة الدعوة

ما من أحد يقلب صفحات التاريخ ويدرسها بعمق وروية إلا ويرى منذ اللحظة الأولى أنه لا يمكن الفصل بين العقيدة والحركة، والدليل على ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم منذ أن تلقى آيات القرآن الأولى طولب بالحركة باتجاه دلالئلها، وتكوين نفسه الشريف على أساسها، واستمر عليه الصلاة والسلام ثلاثة عشر عاماً في مكة يبني الإنسان المسلم ويعده إعداداً يتناسب مع الدور الذي سيقوم به في هذه الحياة، فلما تم بناء القواعد الصلبة التي أخذت على عاتقها مهمة الدعوة الإسلامية إلى أوسع مساحة مقدرة. جاء الأمر الإلهي بالحركة في اتجاه تكوية دولة الإسلام على الأرض بعد أن كونتها معاني لا إله إلا الله محمد رسول الله في أعماق السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، واستمر التدفق الحركي والعطاء المتميز لدولة القرآن الكريم في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، وكانت الفترة المدنية حركة دؤوبة من أجل ترسيخ دولة الحق والدفاع عن مقدراتها، وضرب قوى الباطل التي تشكل خطراً عليها، والسعي من أجل تنفيذ عالمية الإسلام، وإيقاف البغي عند حده، وإزالة الطواغيت من مراكز السلطة، وإلغاء التشريعات التي صممها ونفذها المتألهون في الأرض، تحقيقاً لقوله تعالى:

{حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ}

وقد رسم رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه عملياً مؤشرات الدعوة العالمية وتحرير الناس من كافة الضغوط والجاهلية.

وعبر الجهاد المضني الطويل، ومنذ الخطوات الأولى للإسلام كانت عقيدة التوحيد هي الدافع والمحرك والهدف، فهي تحرك صاحبها من الداخل بعطائها

<<  <   >  >>