[الباب الواحد والعشرون: أثر دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب في العالم الإسلامي]
[تمهيد]
...
أثر دعوة الإمام
محمد بن عبد الوهاب
في العالم الإسلامي
مضت سنة الله تبارك وتعالى منذ فجر البشرية البعيد في التفريق بين المصلحين والمفسدين، وبين المحقين والمبطلين، وأن أصحاب الباطل مهما تساندوا فيما بينهم ضد الحق، ومهما تألبوا عليه، ووالي بعضهم بعضاً ضده، فإنهم مهزومون، وأصحاب الحق هم المنصورون، لأن الحق أصيل في تصميم هذا الوجود، وما على المسلمين الموحدين إلا أن يمضوا بيقين جازم، وثقة قوية بوعد الله تعالى ونصره، لا يخامرهم شك، ولا يخالطهم قلق، ولا تتسرب إليهم ريبة، وحين يتيقن القلب المؤمن ويستوثق يعرف طريقه فلا يتلجلج ولا يتلعثم ولا يحيد، وعندئذ يبدو له الطريق واضحاً، والأفق منيراً، والغاية محددة، والنهج مستقيماً، ويردد في كل ما يأتي أو يدعو: وجهت وجي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين.
وصاحب الدعوة لا يمكن أن يستمد سلطانه إلا من الله عز وجل، ولا يمكن أن يهاب إلا سلطان الله تبارك وتعالى، فإذا أخلص لربه ولدعوته أيده الله سبحانه وتعالى، وجعل قلوب المخالفين والمعاندين تتوجه إليه بالمودة والرحمة والنصرة، وربما أصبحوا جنوداً للدعوة وخدماً، وبهذا يعلن الحق قوته وصدقه وثباته وحياته، فيندحر الباطل ويزهق ويتوارى، ومتى استقرت حقيقة الإسلام في دعاته وتمثلت في واقع حياتهم تجرداً لله ومنهجاً للحياة فلن يجعل الله للظالمين