مكث الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى سنتين في مرحلة الدعوة السلمية، ثم انتقل إلى مرحلة الجهاد دفاعاً عن الدعوة وأتباعها من أعدائها المتربصين بها من ناحية، ولحمل الناس على الحق وتهيئة الجو الصالح لنشر الدعوة وتطبيقها من ناحية أخرى، ولذلك كانت رسائل الشيخ رحمه الله تعالى التي تبين حقيقة دعوته تسبق جيشه، خاصة بعد أن بسط الأمير محمد بن سعود يده، وبايع الشيخ على دين الله ورسوله، والجهاد في سبيل الله وإقامة شرائع الإسلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتم التحالف على نصرة الحق ومحاربة الشرك والمشركين عام ١١٥٨هـ ١٧٤٥م بين الأمير والشيخ، وأصبح هذا الاتفاق بمثابة النواة الأولى في بناء صرح الدولة السعودية الأولى، وتحولت الدرعية منذ ذلك اليوم إلى عاصمة دينية وسياسية وحربية، وهاجر إليها أنصار الشيخ من العيينة وغيرها من بلدان نجد، فازدحمت بهم الدرعية، ورأى الشيخ في البداية تأسياً بما فعله النبي صلى الله عليه وسلم حين هاجر من مكة إلى المدينة حلاً لمشاكل المهاجرين أن يؤاخي بينهم وبين أهل الدرعية١.
وما كان يستتب أمر الدعوة حتى أرسل الإمام رسائله إلى علماء نجد وشيوخها يدعوهم إلى الدخول فيها، فرد عليه بعض الشيوخ مثيراً خلافات، فرد مبيناً وجه
١ حياة الشيخ محمد بن عبد الوهاب: تأليف حسين بن خلف الشيخ مزعل بتصرف ص ١٦٤.