على ذلك سورة:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ، ودل على الآخر سورة:{قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} وهما سورتا الإخلاص، وبهما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بعد الفاتحة في ركعتي الفجر وركعتي الطواف وغير ذلك.
فأما الأول وهو (التوحيد في الصفات) فالأصل في هذا الباب أن يوصف الله بما وصف به نفسه وبما وصفته به رسله نفيا وإثباتا فيثبت لله ما أثبته لنفسه وينفى عنه ما نفاه عن نفسه.
وقد علم أن طريقة سلف الأمة وأئمتها إثبات ما أثبته من الصفات من غير تكييف ولا تمثيل ومن غير تحريف ولا تعطيل.
وكذلك ينفون عنه ما نفاه عن نفسه مع إثبات ما أثبته من الصفات من غير إلحاد لا في أسمائه ولا في آياته، فإن الله تعالى ذمّ الذين يلحدون في أسمائه وآياته كما قال تعالى:{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} ، وقال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمَّنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ اعْمَلُوا مَا شِئْتُم} الآية.
فطريقتهم تتضمن إثبات الأسماء والصفات مع نفي مماثلة المخلوقات إثباتا بلا تشبيه وتنزيها بلا تعطيل، كما قال تعالى:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} .
ففي قوله:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} رد للتشبيه والتمثيل، وقوله:{وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} : رد للإلحاد والتعطيل.