إن أحداث التاريخ تتشابه، وقد رأى الشيخ المجدد رحمه الله من الانحرافات والضلال مثلما رأى إبراهيم عليه السلام من عبادة الأصنام والكواكب والنجوم، ومثلما كانت عليه قريش قبل بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد رأى الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى ألواناً من الشرك والمظالم، فالسواد الأعظم في نجد لا يفهم الإسلام، وهناك الهمجية، وقتل النفس التي حرمها الله عز وجل وذبح الخراف على الأشجار والأحجار، اعتقاداً من العامة أنها تنفع وتضر، وأصبحت أكثر عادات الناس وتقاليدهم لا تختلف كثيراً عن عادات أهل مكة قبل الإسلام.
فالنجدي تراه يتفاءل ويتشاءم بالسوانح والبوارح، ويذهب إلى العرافين والكهان والمشعوذين، وقد ارتدت الخرافات والأباطيل مسوح العبادة وشملت أكثر الحواضر والبوادي "فعدلوا عن عبادة الله وحده إلى عبادة الصالحين والأولياء، وجدوا في الاستغاثة بهم في النوازل والخطوب، وأقبلوا عليهم يطلبون قضاء الحاجات والمطالب، واستغلق طبعهم وفقدوا إدراكهم وتمييزهم حتى اعتقدوا في الأحجار والأشجار أنها تضر وتنفع، ووهبوها أعمالاً يعجز أن يقوم بها الآدميون بل يعجز الأنبياء والمرسلون، كما اعتقدوا فيها التصرف التام والقداسة، فكانوا يأتونها في كل حين يتبركون بها ويتمسحون ويطلبون منها حاجياتهم.
وكان في بليدة الفداء١ ذكر النخل المعروف بالفحال، يأتي إليه الرجال
١ راجع بتوسع الحياة في نجد من كتاب محمد بن عبد الوهاب، تأليف أحمد عبد الغفور عطار، الطبعة الثالثة، الناشر مكتبة العرفان –بيروت ١٣٩٢هـ-١٩٧٢م، ص ٢٥.