للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلا أن ضعاف النفوس أخبروا إبراهيم باشا بعورات المجاهدين مما كشف المدينة أمامه فحمل بجنوده ومدافعه. وبعد معارك طاحنة طارت فيها الرؤس وهدمت فيها القلاع والحصون واشتعلت الحرائق، وعلى الرغم من هول الموقف لم يفر رجال الدرعية رغم محاصرتهم، لعلمهم بقوله صلى الله عليه وسلم: "إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وأن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم" ١.

وصدق جلاد الرجال الأوفياء وشاء الله تعالى، وعقد الصلح مع سقوط آخر موقع ضرب فيه الموحدون أروع الأمثلة في التضحية والفداء، واستسلمت الدرعية للقضاء المقدر.

قال ابن بشر: ثم أمر العساكر أن يهدموا دورها وقصورها، وأن يقطعوا نخيلها وأشجارها، ولا يرحموا صغيرها ولا كبيرها. فابتدر العساكر مسرعين وهدموها وبعض أهلها فيها مقيمون. وقطعوا الحدائق، وهدموا الدور والقصور، ونفذ فيها القدر المقدور، وأشعلوا في بيوتها النيران، وأخرجوا جميع من كان فيها من السكان، فتركوها خالية من المساكن كأن لم يكن بها من قديم ساكن، وتفرق أهلها في النواحي والبلدان، وذلك بتقدير الذي كل يوم هو في شأن٢.

وصدق الشيخ عبد العزيز بن حمد بن ناصر٣ وهو أحد تلاميذ شيخ الإسلام


١ أخرجه الترمذي وابن ماجه، وسنده حسن.
٢ عنوان المجد في تاريخ نجد ج١ ص٢١٣.
٣ هو: العالم الجليل عبد العزيز بن حمد بن ناصر بن معمر، ولد في الدرعية ١٢٠٣هـ -تتلمذ- على والده العالم حمد بن ناصر، وعلى شيخ الإسلام عبد الله بن عبد الوهاب، وعلى الشيخ أبي بن غنام.

<<  <   >  >>