قد أكد لهم النصر بشرطه في كتابه العزيز فقال:{إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}(القتال: ٧) ، وقد علم المسلمون الأولون أنه لا جهاد ولا شهادة ولا جنة إلا حين يكون الجهاد في سبيل الله وحده، والموت في سبيله وحده، والنصر له وحده في ذات النفس وفي منهج الحياة. لا جهاد ولا شهادة ولا جنة إلا حين يكون الهدف هو أن تكون كلمة الله هي العليا، وأن تهيمن شريعته ومنهاجه في ضمائر الناس وأخلاقهم وسلوكهم١.
وعلى هذا الأساس حمل تلاميذ الشيخ محمد بن عبد الوهاب راية التوحيد، وبنوا بها دولة حققت للمسلمين السيادة والعزة، وبالرغم من سقوط الدولة السعودية الأولى من المفهوم السياسي، إلا أنها تركت في البلاد النجدية مقومات الدولة السعودية الثانية، ومداولة الأيام بين الناس سنة من سنن الله عز وجل في الأرض، قال تعالى:{وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ}(آل عمران: ١٤٠) .
فالشدة بعد الرخاء، والرخاء بعد الشدة يكشفان المعادن والدخائل، وفوق ذلك هو أجل مقدر لحكم أخرى يتحقق مع تحقق النصر.
وشاء الله تعالى أن يبتلي أهل نجد بفترة أخرى من الفتن والضياع يصفها ابن بشر، فيقول: ... فلما حل القضاء، وانتهى الأمد المكتوب، وانقضى، وانحل نظام الجماعة، والسمع والطاعة، وتطايرت شرار الفتن في تلك الأوطان، وتعذرت الأسفار بين البلدان، وعاثت فيها العساكر المصرية فساداً، فقتلوا صناديد الرجال،