أما حديث التلاميذ عن شيخهم المعمم ففيه العجب العجاب، فإن الواحد منهم يقول: إنه إذا هم بمعصية يرى صورة شيخه أمامه، محذراً متوعداً له، فيخشاه ويتراجع عن معصيته خوفاً من شيخه، وليس خشية من الله، وهذا ليس افتراء منا على الشيخ، فهو يتحدث في دروسه العامة بهذا وبأكثر منه.
وإذا كان هذا شأن المنسوبين إلى العلم، فماذا ننتظر من دهماء الناس؟ إن عبادة الآلة من دون الله ما زالت قائمة وإن تغيرت الأسماء وتباينت الألفاظ، "فالقومية" بدلاً من "اللات"، و"الوطنية" بدلاً من "هبل"، و"الديموقراطية" بدلاً من "العزى".
والعواصم العربية مزدحمة بالأصنام، فهذه الأهرامات، وهذا صنم الزعيم فلان، وهذا تمثال للعامل، وذاك وثن للجندي المجهول ... هي أصنام أشد خبثاً وشركاً من أصنام الجاهلية، إذ إن أصنام الجاهلية، بدائية ساذجة، أما هذه الأصنام فالواحد منها يكلف مليوناً أو أكثر من ذلك، لأنه قد صنع من معدن "البرونز" الثمين، ورحم الله حافظ إبراهيم الذي صاغ هذا الواقع المرير بأبيات رقاق من الشعر فقال:
أحياؤنا لا يرزقون بدرهم ... وبألف ألف يرزق الأموات
ويقال: هذا القطب باب المصطفى ... ووسيلة تقضى به الحاجات