للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الترجمة التي أثبتت حياته واهتمامه الإسلامي، وحرصه على عقيدة السلف الصالح، وهي: الاستقصاء. والدرر الفاخرة، وفهرس الفهارس، وشجرة الدر١، وأكدت دائرة المعارف الإسلامية على تأثر المولى سليمان بحركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب بعد عام ١٨١٠م، الموافق لعام ١٢٢٥هـ، مما جعله يتخذ موقفاً صارماً ضد المربوطية، وهو اللقب الذي كان يطلق في المغرب٢ على الصوفيين، وفي نفس الوقت الذي كانت فيه الطرق الحديثة النشأة تحظى بانتشار كبير في المغرب، وجاءت بعد ذلك الحركة السنوسية٣ التي ابتدأها في الجزائر محمد بن علي السنوسي في أواسط القرن التاسع عشر الميلادي، وقد تأثر السنوسي بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، عندما كان في مكة، حيث كان يطلب العلم، ولقد تزعم الدعوة إلى منهج السلف الصالح الشيخ أبو شعيب


١ الأعلام –خير الدين الزركلي ٣/١٩٧-١٩٨.
٢ الشيخ محمد عبد الوهاب عقيدته السلفية –أحمد بن حجر بن محمد آل بو طابي ص ١٠٦-١٠٧.
٣ من أولى الحركات التي انبعثت من دعوة التوحيد قد صيغت على نحو جامع محرر لمفهوم الإسلام المتكامل بين الزهد والفقه والعبادة بتشكيل تربوي على نمط الصوفية، متحرراً من أخطاء الصوفية وانحرافاتهم، واستطاعت أن تكون جيلاً قادراً على نشر الإسلام في أنحاء أفريقيا، وكان رد فعل ضخم للتحدي الذي واجه العالم الإسلامي باحتلال الفرنسيين للجزائر وعودة الحروب الصليبية، وإذا كان الإمام محمد بن عبد الوهاب قد انطلق من الدرعية فإن السنوسي رحمه الله انطلق من زاوية "البيضاء" بالجبل الأخضر، والتي كانت تضم مسجداً ومدرسة لتحفيظ القرآن، وتدريس العلوم الشرعية.
وكان الكتاب المستعمرون الأوروبيون يحذرون منها كما كانوا يحذرون من خطر الدعوة الإسلامية في نجد، حتى قال: "مسيو ردوفرير جن": إن السنوسية هي المسؤولة عن جميع أعمال المقاومة التي قامة ضد فرنسا في الجزائر، وإن السنوسية هي المدبرة لجميع نكبات فرنسا في الشمال الإفريقي والسنغال، وإنها أيدت ثورة محمد بن عبد الله في تلمسان، وصحراء الجزائر (١٨٤٨-١٨٦١) ، وثورة الصادق في جبال الأوراس (١٨٧٩) ، وثورات أولاد سيدي الشيخ (١٨٧٩-٨١٨١) ، عالم الإسلام المعاصر ٣/٢١٦.

<<  <   >  >>