سبيل الله وهدد بالقتل، واعتدى عليه سفهاء الناس، وتنكر له علية القوم، فخرج إلى "الدرعية"، خرج وحيداً طريداً، ولأن الله يعلم منه إخلاص القصد فقد أكرمه بالنصرة والمنعة، ويسر له من يذود عن دعوته بماله وسلاحه، وبعد سنوات قلائل كانت الجزيرة العربية بأسرها قد توحدت تحت راية التوحيد الذي أنزله الله على رسوله صلى الله عليه وسلم.
وأدرك أعداء الإسلام خطورة الدعوة الجديدة، بعد أن انطلقت جحافل الموحدين تقرع أبواب العراق والخليج وبلاد الشام، فسخرت فرنسا الصليبية صنيعتها محمد علي باشا، وأمدته بأحدث أنواع الأسلحة والمعدات، واستعان بضعاف النفوس وأصحاب المطامح من وجهاء الجزيرة وأشرافها، الذين فقدوا زعامتهم التي ما كان لها أن تنمو لولا الخرافة والفرقة والجاهلية، واستطاع أعداء الإسلام أن يوقفوا زحف الدعوة الإصلاحية وأن يضعوا العراقيل في مسيرتها المظفرة، فخسر العالم الإسلامي خسارة كبيرة عندما توقف زحف الدعوة.
وأعداء الله منذ القديم يعملون على تشويه الإسلام وإيقاف مده، وإقامة مساجد الضرار التي تتظاهر بالإسلام وتبطن الخبث والإلحاد.
ثم عادت الدعوة بعد حين إلى ربوع الجزيرة، وانبثق عنها نظام حكم، وإذا كان امتدادها السياسي قد توقف في حدود شبه الجزيرة العربية، فامتدادها الفكري قد شمل العالم الإسلامي بأسره، وها نحن نجد أنصاراً لهذه الدعوة في الهند وباكستان، وبلاد الشام ومصر والسودان، وأثرهم يزداد يوماً بعد آخر، والحمد لله.