للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ويقول القاضي أبو بكر الباقلاني (١) : "لو كان الإعجاز بالصرفة لكان المعجز المنع لا القرآن فلا يتضمن الكلام فضيلة على غيره في نفسه"

والرافعي يقول (٢) "وعلى الجملة فإن القول بالصرفة لا يختلف عن قول العرب فيه " {إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ} (المدثر: ٢٤) وهذا زَعْم ُُ ردَّه الله على أهله وأكذبهم فيه وجعل القولَ به ضَرْباً من العمى {أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ} (الطور: ١٥) فاعتبر ذلك بعضه ببعضه فهو كالشيء الواحد".

ويقول الجرجاني (٣) : "إن من حق المنع إذا جُعِلَ آية وبرهانا ولا سيما للنبوة أن يكون في أظهر الأمور وأكثرها وجوداً وأسهلها على الناس وأخلقها بأن تَبِيَن لكل رَاءٍ وسامع أن قد كان مُنِع، لا أن يكون المنع من خفي لا يُعْرَف إلا بالنظر وإلا ببعد الفكر ومن هذا شيء لم يوجد قط، ولم يعهد، وإنما نظن ظنا أنه يجوز أن يكون وأنَّ له مدخلا في الإمكان إذا اجتهد المجتهد.

ولو كانوا قد تغيرت حالهم وتبدل عِيُّهُم بالبلاغة والبيان لعلموا ذلك من أنفسهم، ولقابلوا التحدي بقولهم للنبي صلى الله عليه وسلم كيف نُمْنَع ثم يكون التحدي على حالنا".

ولم يملك أحد معرفة كيف عجزوا، لكنهم عجزوا، وما عجزهم إلا عن ضعفهم عن بلوغ رتبة القرآن، وأين في كلامهم ما يؤيد ويؤكد أنهم كانوا في بلاغتهم على درجة تمنكهم من معارضة القرآن والإتيان بمثله قبل أن يصرفوا؟


(١) إعجاز القرآن للباقلاني صـ٤٧ والإتقان للسيوطي صـ١٠٠٦.
(٢) تاريخ آداب العرب جـ٢ صـ١٤٦.
(٣) الرسالة الشافية ثلاث رسائل في الإعجاز صـ١٥٣،١٥٤.

<<  <   >  >>