للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

والدكتور البوطي يقول في كتابه من روائع القرآن (١) : "إذا رأيت من إذا تلا القرآن تأثر به قائلا: إن هذا الكلام لا يمكن أن يصدر عن بشر فاعلم أنه متفاعل مع هذا الوجه الأخير - يريد به مظهر جلال الربوبية - ولا يتجلى الإعجاز إلا لقلب لم تخنقه أغشية الكبر والعناد".

ولا يمكن حمل العادة التي يتخلف معهودها على كونها من الناظر، بل هي في المنظور، فمن استظهر أمرا لا يكون هو محل المعجزة، نعم قد يكون منه غير ما اعتيد، لكن الشيء الذي استبان فيه الوجه الجديد لم يتحول عما كان عليه قبل ظهور ما خفي منه من قبل، اللهم إلا إذا انفرد هذا الناظر بهذا البيان وحده دون غيره، فإنه يكون قد أتى بما يعجز عنه غيره، وحينئذ تتعلق المعجزة بشخصه مباشرة.

والخصائص التي يهتدي من خلالها إلى أن القرآن كلام الله تعالى كما أوردها وحيد الدين خان في كتابه "الإسلام يتحدى" تمكننا من الزحزحة ولو قليلا نحو اعتبارات تؤكد عدم قصر وجوه الإعجاز في النظم والبيان، شريطة أن يكون المنطلق في كل وجه يحتسب للإعجاز منطلقا قرآنيا بحتا، بحيث لا نضفي من خارج النص ما يسمح بالربط بين ما هو خارج النص من ظواهر كونية وكشوف علمية حديثة وبين إشارات وتلميحات قرآنية، فمثل هذا لا يعدو أن يكون توجيها لا وجها للإعجاز.

وهذه الخصائص - وقد سبق ذكرها - وهي: إعجاز القرآن، ونبوءاته، والقرآن والكشوف الحديثة - أي العلاقة بين القرآن والكشوف الحديثة - براهين ثابتة الدلالة على أن محمداً رسول من عند الله، ولكن بعضها لا يمكن اعتباره وجها للإعجاز.


(١) من روائع القرآن الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي صـ١٦٠.

<<  <   >  >>