للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نَعَمْ أَخِي نَاوِلْنِي حَصًى مِنَ الأَرْضِ" فَنَاوَلْهُ فَرَمَى بِهَا فِي وُجُوهِ الْقَوْمِ وَقَالَ: "شَاهَتِ الْوُجُوهُ" فَمَرَّتْ كَأَنَّهَا عَنَانَةٌ فَدَخَلَتْ فِي أَعْيُنِهِمْ كُلِّهِمْ فَانْهَزَمُوا.

وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: مَرَّ عَلَيْنَا أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ فَقَالَ: لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلُمِّي يَا عَائِشَةُ حَتَّى أُرِيَكِ ابْنَ عَمِّي الشَّاعِرَ الَّذِي كَانَ يَهْجُونِي أَوَّلَ مَنْ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ وَآخِرَ مَنْ يَخْرُجُ مِنْهُ لا يُجَاوِزُ طَرَفُهُ شِرَاكَ نَعْلِهِ".

وَرُوِيَ أَنَّهُ كَانَ لا يَرْفَعُ رَأْسَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيَاءً مِنْهُ.

وَقَالَ عِنْدَ مَوْتِهِ: لا تَبْكُوا عَلَيَّ فَمَا تَنَطَّفْتُ بِخَطِيئَةٍ مُنْذُ أَسْلَمْتُ.

وَبَكَى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِيرًا وَرَثَاهُ فَقَالَ:

أَرَقْتُ وَبَاتَ لَيْلِي لا يَزُولُ ... وَلَيْلُ أَخِي الْمُصِيبَةُ فِيهِ طُولُ

وَأَسْعَدَنِي الْبُكَاءُ وَذَاكَ فِيمَا ... أُصيبَ الْمُسْلِمُونَ به قليل

لقد عظمت مصيبنا وَجَلَّتْ ... عَشِيَّةَ قِيلَ قَدْ قُبِضَ الرَّسُولُ

فَأَضْحَتْ أَرْضُنَا مِمَّا عَرَاهَا ... تَكَادُ بِنَا جَوَانِبُهَا تَمِيلُ

فَقَدْنَا الْوَحْيَ وَالتَّنْزِيلَ فِينَا ... يَرُوحُ بِهِ وَيَغْدُو جِبْرَئِيلُ

وَذَاكَ أَحَقُّ مَا سَالَتْ عَلَيْهِ ... نُفُوسُ النَّاسِ أَوْ كَادَتْ تَسِيلُ

نَبِيٌّ كَانَ يَجْلُو الشَّكَّ عَنَّا ... بِمَا يُوحَى إِلَيْهِ وَمَا يَقُولُ

وَيَهْدِينَا فَلا يُخْشَى عَلَيْنَا ... ضَلالا وَالرَّسُولُ لَنَا دَلِيلُ

أَفَاطِمُ إِنْ جَزَعَتْ فَذَاكَ عُذْرُ ... وَإِنْ لَمْ تَجْزَعِي فَهُوَ السَّبِيلُ

فَقَبْرُ أَبِيكِ سَيِّدُ كُلِّ قَبْرٍ ... وَفِيهِ سَيِّدُ النَّاسِ الرَّسُولُ

<<  <   >  >>