قال عبد الحميد بن محمد: وسمعت محمد بن السماك يقول: إن موسى ابن سليمان الهاشمي كان من أنعم بني أبيه عيشا وأرخاه بالا يعطي نفسه شهوتها من صنوف اللذات في المأكل والمشرب والملبس والطيب والجواري والغلمان ليست له فكرة ولا همة إلا فيما هو من عيشه ولذته.
وكان شابا جميلا وجهه كاستدارة القمر في صفاء مع بياض وملاحة مشربا حمرة شديد سواد الشعر جعدا أقنى الأنف أكحل العينين أدعج مثل عين الظبية يسحر بعينيه الناظر إليه طويل الأشفار مقرون الحاجبين كأنما خطا بالقلم صغير الفم رقيق الشفتين أبلج الثنايا مفلج الأسنان فصيح اللسان حلو الكلام خافض الصوت. وكانت نعمة الله عليه سابغة يستغل من ضياعه وعقاره ومما أقطعه من الضياع ويجري عليه من الرزق كل حول نحوا من ثلاثة آلاف ألف وثلثمائة ألف يصرف هذا كله فيما هو فيه من النعيم.
وقد أعجبته نفسه وشبابه ودنياه المواتيه له في جميع ما يشتهي.
وكان له مستشرف عال يقعد فيه العشيات يشرف على الناس له أبواب مشرعة إلى الجادة وأبواب مشرعة إلى بساتينه قد ضرب فيه قبة عاج مخروطة من أنياب الفيل مضببة بالفضة قد طلي بالذهب وغشي القبة بالديباج الأخضر وحشاه بالخز المندوف.
وعلق من القبة سلسلة ذهب منظومة بالجواهر واللؤلؤ تضيء القبة من الياقوت الأحمر والزبرجد الأخضر والعقيق الأصفر كل حبة كالجوزة.
وعلق على الأبواب المشرعة الستور المضربة الموشاة المنسوجة بالذهب ووضع حول القبة ثلاثين شمعة في ثلاثين طستا من فضة وزن كل طست ألف درهم على كل خمس طسوت غلام قائم بيده مقطعة من ذهب من مائة مثقال عليهم من أنواع الثياب والمناطق المرصعة بالجواهر.
وعلق على كل باب - خارج من الشباكات - قناديل بسلاسل الفضة وجعل دهنها الزئبق الخالص.
وهو على سرير عليه غلالة قصب معلم منسوج وعلى رأسه عمامة مكللة