أخبرنا الشيخ الإمام العالم أبو الفرج عبد الرحمن بن علي ابن الجوزي قال: أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد القزاز وأبو السعود أحمد بن علي بن المجلي قالا: أنا أحمد بن علي بن ثابت أنا محمد بن أحمد بن رزق أنا أحمد بن سندي الحداد قال: قرىء على أحمد بن المنيع وأنا أسمع قيل له: أخبركم صالح بن علي بن يعقوب الهاشمي قال:
حضرت المهتدي بالله أمير المؤمنين وجلس للنظر في أمور المظلومين في دار العامة فنظرت إلى قصص الناس تقرأ عليه من أولها إلى آخرها فيأمر بالتوقيع عليها وينشأ الكتاب عليها وتحرر وتختم وترفع إلى صاحبها بين يديه فسرني ذلك واستحسنت ما رأيت.
فجعلت أنظر إليه ففطن ونظر إلي فغضضت عنه حتى كان ذلك مني ومنه مرارا ثلاثا: إذا نظر غضضت وإذا شغل نظرت.
فقال لي: يا صالح. قلت لبيك يا أمير المؤمنين. وقمت قائما فقال: في نفسك منا شيء تريد - أو قال: تحب - أن تقوله؟ قلت: نعم يا سيدي! فقال لي: عد إلى موضعك فعدت حتى إذا قام قال: للحاجب: لا يبرح صالح.
فانصرف الناس ثم أذن لي فدخلت فدعوت له فقال لي: اجلس فجلست.
فقال: يا صالح تقول لي ما دار في نفسك أو أقول أنا ما دار في نفسي أنه دار في نفسك؟.
قلت: يا أمير المؤمنين! ما تعزم عليه وتأمر به.
قال: أقول أنا: إنه دار في نفسي أنك استحسنت ما رأيت منا فقلت: أي خليفة خليفتنا إن لم يكن يقول: القرآن مخلوق؟ فورد على قلبي أمر عظيم ثم قلت: يا نفس هل تموتين قبل أجلك؟ وهل تموتين إلا مرة؟ وهل يجوز الكذب في جد أو هزل؟.
فقلت: يا أمير المؤمنين! ما دار في نفسي إلا ما قلت.