أخبرنا أبو بكر أحمد بن المقرب بن الحسين الكرخي أنا طراد بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّيْنَبِيُّ أنا أَبُو الحسين بن بشران أنا أبو علي بن صفوان أنا عبد الله بن محمد حدثني أبو زيد النميري قال: حدثني خلاد بن يزيد قال: سمعت شيوخنا من أهل مكة - منهم سليمان - يذكرون: أن القس كان عند أهل مكة من أحسنهم عبادة وأظهرهم تبتلا وأنه مر يوما بسلامة جارية كانت لرجل من قريش فسمع غناءها فوقف يستمع فرآه مولاها فقال: هل لك أن تدخل فتسمع؟ فتأبى عليه فلم يزل به حتى تسمح وقال: أقعدني في موضع لا أراها ولا تراني قال: أفعل.
فدخل فتغنت فأعجبته فقال مولاها: هل لك أن أحولها إليك؟ فتأبى ثم تسمح فلم يزل يسمع غناءها حتى شغف بها وشغفت به وعلم ذلك أهل مكة.
فقالت له يوما: أنا والله أحبك قال: وأنا والله أحبك قالت: وأحب أن أضع فمي على فمك قال: وأنا والله قالت: أحب أن ألصق صدري بصدرك وبطني ببطنك قال: وأنا والله.
قالت: فما يمنعك؟ فوالله إن الموضع لخال قال: إني سمعت الله تعالى يقول: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ}[الزخرف: ٦٧] وأنا أكره أن تكون خلة ما بيني وبينك تؤول بنا إلى عداوة يوم القيامة.
قالت: يا هذا! أتحسب أن ربي وربك لا يقبلنا إذا تبنا إليه؟ قال: بلى! ولكن لا آمن أن أفاجأ.
ثم نهض وعيناه تذرفان فلم يرجع بعد وعاد إلى ما كان عليه من النسك.