وذكر أبو القاسم التنوخي عن أبيه أن جعفر بن حرب كان يتقلد كبار الأعمال للسلطان وكانت نعمته تقارب نعمة الوزارة في غاية الوفور ومنزلته بحالها في الجلالة فسمع رجلا يقرأ:{أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ}[الحديد: ١٦] . فصاح: اللهم بلى فكررها دفعات وبكى.
ثم نزل عن دابته ونزع ثيابه ودخل إلى دجلة واستتر بالماء ولم يخرج منه حتى فرق جميع ماله في المظالم التي كانت عليه وردها وتصدق بالباقي.
فاجتاز رجل فرآه في الماء قائما - وسمع بخبره - فوهب له قميصا ومئزرا فاستتر بهما وخرج وانقطع إلى العلم والعبادة حتى مات.