قال: نعم والله يا ابن أخي وما هو أكثر! لقد بلغني أنهم يصرخون في النار حتى تنقطع أصواتهم فما يبقى منهم إلا كهيئة الأنين من المدنف.
فصاح الفتى: إنا لله! واغفلتاه عن نفسي أيام الحياة واأسفا على تفريطي في طاعتك يا سيداه! واأسفا على تضييعي عمري في دار الدنيا! ثم بكى واستقبل القبلة فقال: اللهم! إني أستقبلك في يومي هذا بتوبة لا يخالطها رياء لغيرك اللهم فاقبلني على ما كان في واعف عما تقدم من فعلي وأقلني عثرتي وارحمني ومن حضرني وتفضل علينا بجودك وكرمك يا أرحم الراحمين لك ألقيت معاقد الآثام من عنقي وإليك أنبت بجميع جوارحي صادقا لذلك قلبي فالويل لي إن لم تقبلني.
ثم غلب فسقط مغشيا عليه فحمل من بين القوم صريعا فمكث صالح وإخوته يعودونه أياما ثم مات - والحمد لله - فحضره خلق كثير يبكون عليه ويدعون له.
فكان صالح كثيرا ما يذكره في مجلسه فيقول: بأبي قتيل القرآن وبأبي قتيل المواعظ والأحزان.
قال: فرآه رجل في منامه قال: ما صنعت؟ قال: عمتني بركة مجلس صالح فدخلت في سعة رحمة الله التي وسعت كل شيء.