قال: فرج الشيخ بالقدح في الماء وقال: أشهد أن هذا أحسن مما سمعت! فهل غير هذا؟ قال: نعم {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقاً}[الكهف: ٢٩] .
قال: فوقعت من قلب الشيخ موقعا. قال: فأمر بالزكرة فرمى بها وأخذ العود فكسره.
ثم قال: يا فتى! هل هاهنا فرج؟ قال: نعم {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}[الزمر: ٥٣] قال: فصاح الشيخ صيحة خر مغشيا عليه فنظروا فإذا الشيخ قد ذاق الموت وقد قاربوا البصرة قال: فضج القوم بالصراخ واجتمع الناس - وكان رجلا من المهالبة معروفا - فحمل إلى منزله فما رأيت جنازة كانت أكثر جمعا منها.
قال: فبلغني أن الجارية المغنية تدرعت الشعر وفوق الشعر جبة صوف وجعلت تقوم الليل وتصوم النهار فمكثت بعده أربعين ليلة ثم مرت بهذه الآية في بعض الليالي: {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقاً}[الكهف: ٢٩] .