للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَالَ: فَوَلَّوْا رَجُلا مِنْهُمْ أَمْرَهُمْ وَبَايَعُوا لَهُ وَهَبَطُوا وَقَدْ وَطَّنُوا أَنْفُسَهُمْ عَلَى الْمَوْتِ وَتَابُوا إِلَى اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ-.

قَالَ: فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ فَاقْتَتَلُوا أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ حَتَّى حَالَ بَيْنَهُمُ اللَّيْلُ ثَمَّ غَدَوْا فَاقْتَتَلُوا حَتَّى كَثُرَتِ الدِّمَاءُ فِي الْفَرِيقَيْنِ حَتَّى حَالَ بَيْنَهُمُ اللَّيْلُ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَغَدَوُا الْيَوْمَ الثَّالِثَ وَقَدْ صَبَّرُوا أَنْفُسَهُمْ للَّهِ فَاقْتَتَلُوا قِتَالا شَدِيدًا وَقَالَ: لَهُمْ صَاحِبُهُمْ: إِنِّي لأَرْجُو أَنْ يَكُونَ اللَّهُ قَدْ تَابَ عَلَيْكُمْ وَقَبِلَ تَوْبَتَنَا فَإِنِّي أَرَى الصَّبْرَ قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَصَارَتِ الرِّيحُ لَنَا فَإِنْ ظَفَرْتُمْ بِهِ فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَأْخُذُوهُ سَلِيمًا فَلا تَقْتُلُوهُ.

قَالَ: فَاقْتَتَلُوا إِلَى قَرِيبٍ مِنَ اللَّيْلِ لا هَؤُلاءِ يَفِرُّونَ وَلا هَؤُلاءِ يَهْرُبُونَ فَلَمَّا كَانَ فِي آخِرِ النَّهَارِ وَعَرَفَ اللَّهُ مِنْهُمُ الصِّدْقَ أَنْزَلَ عَلَيْهِمُ النَّصْرَ فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلُوهُمْ وَأَخَذُوهُ سَلِيمًا فَأَتَوْا بِهِ.

قال: فاجتمع بنوا إِسْرَائِيلَ إِلَى صَاحِبِهِمْ فَقَالَ لَهُمْ: مَا جَزَاءُ رَجُلٍ مِنْ أَنْفُسِنَا قَتَلَ نَبِيَّنَا وَقَتَلَ وَالِدَهُ وَأَدْخَلَ عَلَيْنَا عَبَدَةَ الأَوْثَانِ حَتَّى قَتَلُونَا وَشَرَّدُونَا فِي الْبِلادِ؟ فَقَائِلٌ يَقُولُ: احْرِقُوهُ! وَقَائِلٌ يَقُولُ: قَطِّعُوهُ! وَقَائِلٌ يَقُولُ: عَذِّبُوهُ! فَكُلَّمَا قَالُوا لَهُ شَيْئًا مِنْ هَذَا قَالَ: هَذَا يَأْتِي عَلَى نَفْسِهِ قَالُوا: فَأَنْتَ أَعْلَمُ.

قَالَ: فَإِنِّي أَرَى أَنْ نَأْخُذَهُ فَنَصْلِبَهُ حَيًّا وَلا نُطْعِمَهُ وَلا نَسْقِيَهُ وَلا نَقْتُلَهُ وَنَدَعَهُ حَتَّى يَمُوتَ قَالُوا لَهُ: افْعَلْ فَصُلِبَ حَيًّا وَجَعَلُوا عَلَيْهِ الْحَرَسَ.

قَالَ: فَمَكَثَ يَوْمَهُ وَمِنَ الْغَدِ وَالْيَوْمَ الثَّالِثَ حَتَّى أَمْسَى فَلَمَّا أَمْسَى رَأَى الْمَوْتَ فَدَعَا آلِهَتَهُ الَّتِي كَانَ يَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - قَالَ: فَبَدَأَ بِأَفْضَلِهَا فِي نَفْسِهِ فَيَدْعُوهُ فَإِذَا لَمْ يُجِبْهُ جَاوَزَهُ وَدَعَا الآخَرَ فَأَتَى عَلَى آلِهَتِهِ جَمِيعًا يَدْعُوهُمْ فَلا يُجِيبُونَهُ وَذَلِكَ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ.

قَالَ: اللَّهُمَّ إِلَهَ جَدِّي وَأَبِي إِنِّي قَدْ ظَلَمْتُ نَفْسِي وَدَعَوْتُ هَذِهِ الآلِهَةَ الَّتِي كُنْتُ أَعْبُدُهَا مِنْ دُونِكَ فَلَوْ كَانَ عِنْدَهَا خَيْرٌ لأَجَابَتْنِي فَاغْفِرْ لِي وَخَلِّصْنِي مِمَّا أَنَا فِيهِ فَتَحَلَّلَتْ عَنْهُ الْعُقَدُ فَإِذَا هُوَ فِي أَسْفَلِ الْجِذْعِ.

وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ قَالَ: فَجَعَلَ يَدْعُو صَنَمًا صَنَمًا فَلا يُجِيبُهُ أَحَدٌ قَالَ: فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَ: يَا حَنَّانُ! يَا مَنَّانُ! أَشْهَدُ أَنَّ كُلَّ مَعْبُودٍ مِنْ لَدُنْ عَرْشِكَ إِلَى قَرَارِ أَرْضِكَ بَاطِلٌ إِلا وَجْهَكَ الْكَرِيمُ أَنْتَ فَأَغِثْنِي.

قَالَ: فَبَعَثَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - مَلَكًا فَحَلَّهُ عَنْ خَشَبَتِهِ فَأَنْزَلَهُ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَأَخَذَهُ الْحَرَسُ فَأَتَوْا بِهِ صَاحِبَهُمْ وَاجْتَمَعَ بَنُو إِسْرَائِيلَ,

<<  <   >  >>