أن ذا الكفل كان إليسع بن خطوب الذي كان مع إلياس وليس باليسع الذي ذكر الله - تبارك وتعالى - في القرآن وإليسع ذو الكفل كان قبل داود.
وذلك أن ملكا جبارا يقال له: كنعان وكان لا يطاق في زمانه لظلمه وطغيانه وكان ذو الكفل يعبد الله سرا منه ويكتم إيمانه وهو في مملكته فقيل للملك: إن في مملكتك رجلا يفسد عليك أمرك ويدعو الناس إلى غير عبادتك فبعث إليه ليقتله فأتي به فلما دخل عليه قال له الملك ما هذا الذي بلغني عنك أنك تعبد غيري؟. فقال له ذو الكفل: اسمع مني وتفهم ولا تغضب فإن الغضب عدو للنفس يحول بينها وبين الحق ويدعوها إلى هواها وينبغي لمن قدر ألا يغضب فإنه قادر على ما يريد.
قال: تكلم.
قال: فبدأ ذو الكفل وافتتح الكلام بذكر الله - عز وجل - والحمد لله ثم قال ذو الكفل: أتزعم أنك إله؟ فإله من تملك؟ أو إله جميع الخلق؟ فإن كنت إله من تملك فإن لك شريكا فيما لا تملك وإن كنت إله الخلق فمن إلهك؟.
قال له: ويحك! فمن إلهي؟.
قال: إله السماء والأرض وهو خالقهما وهذه الشمس والقمر والنجوم فاتق الله واحذر عقوبته فإن أنت عبدته ووحدته رجوت لك ثوابا والخلود في جواره.
قال له الملك: أخبرني من عبد إلهك فما جزاؤه؟ قال: الجنة إذا مات.
قال: وما الجنة؟ قال: دار خلقها الله - تبارك وتعالى - بيده فجعلها مسكنا لأوليائه يبعثهم يوم القيامة شبابا مردا أبناء ثلاث وثلاثين سنة فيدخلهم الجنة في نعيم وخلود شباب لا يهرمون مقيمون لا يظعنون أحياء لا يموتون في نعيم وسرور وبهجة.
قال: فما جزاء من لم يعبده وعصاه؟.
قال: النار مقرونين مع الشياطين مغلغلين بالأصفاد لا يموتون أبدا في عذاب مقيم وهوان طويل تضربهم الزبانية بمقامع من حديد طعامهم الزقوم والضريع وشرابهم الحميم.
فرق الملك وبكى لما كان قد سبق له. فقال له: إن أنا آمنت بالله فما لي؟ قال: الجنة قال: فمن لي بذلك؟ قال: أنا لك الكفيل وأكتب لك على الله -