للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال القرطبي: "لا يلزم من السكوت عنه عدم الوقوع، لكن فيه بُعْد لأنَّ العادة جرت بعدم السكوت عن مثل ذلك إن وقع، قال: "فيحتمل أنه لم يجب عليه شيء، لأنه كان مأذوناً له في أصل القتل، فلا يضمن ما أتلف من نفسٍ ولا مال كالخاتن والطبيب، أو لأنَّ المقتول كان من العدوِّ ولم يكن له وليٌّ من المسلمين يستحق ديته، قال: "وهذا يتمشى على بعض الآراء، أو لأنَّ أُسامة أقرَّ بذلك، ولم تقم بذلك بيِّنة فلم تلزم العاقلة الدية، وفيه نظر١".

وقال النووي: "أمَّا كونه صلى الله عليه وسلم لم يوجب على أُسامة قصاصاً ولا دية ولا كَفَّارة، فقد يُستدَلُّ به لإسقاط الجميع، ولكن الكَفَّارة واجبة والقصاص ساقط للشبهة فإنه ظَنَّه كافراً، وظَنَّ أنَّ إظهاره كلمة التوحيد في هذه الحال لا يجعله مسلماً".

وفي وجوب الدية قولان للشافعي، وقال بكل واحد منهما بعض من العلماء.

ويجاب عن عدم ذكر الكَفَّارة بأنَّها ليست على الفور، بل هي على التراخي وتأخير البيان إلى وقت الحاجة جائز على المذهب الصحيح عند أهل الأصول، وأمَّا الدية على قول من أوجبها فيحتمل أنَّ أُسامة كان في ذلك الوقت معسراً بها فأُخِّرَت إلى يساره٢.


١ فتح الباري: ١٢/١٩٦.
٢ النووي على مسلم ٢/١٠٦.

<<  <   >  >>