هذا وقد أشعلت الحملات والاختراقات البطولية - التي قام بها القادة الثلاثة في العمق داخل صفوف العدو رغم تفوقه العَدَدِي والعُدَدِي - أشعلت حماس المسلمين جميعاً، واشتعل القتال على طول الجبهة، وأبدى المسلمون من صنوف البطولات الجماعية، والفردية، أسوة بقوَّادهم ما أذهل الروم وحلفاءَهم.
[٥٩] فهذا عبد الله بن رواحة - رضي الله تعالى عنه - كما يذكر الأوزاعي في رواية - وفي مجلس من مجالس الأنصار في المدينة، ومعهم نفر منهم، حين نزل قول الله - تبارك وتعالى:{إنَّ الله يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ} . [سورة الصّفّ، الآية ٤:] . يعاهدون الله - تبارك وتعالى - على الجهاد في سبيله حتى الموت، فلمَّا أخذ عبد الله بن رواحة - رضي الله تعالى عنه - الراية، فصاح بأولئك النَّفر الذين حضروا ذلك المجلس، فتلا عليهم الآية وقال لهم: إنَّ ما كنتم عاهدتم الله عليه قد جاء مصداقه، "اصدقوا الله يصدقكم، فجاءوا يخبُّون١ كأنَّهم
١ الخَبَب - محرَّكة - ضرب من العدو، أو كالرمل، أو أن ينقل الفرس أيامنه جميعاً، وأياسره جميعاً، أو أن يراوح بين يديه، والسرعة خب خباً وخبيباً وخبباً. (القاموس: خبب) .