وعندما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك على رأس جيش العسرة، فلم يلق كيداً، وكعادته - عليه السلام - في حربه مع أعدائه، أراد أن يستثمر حملته تلك التي نجحت في بث الرعب في نفوس الروم وحلفائهم من العرب المتنصرة، وذلك لإخضاع المنطقة ومن فيها من القبائل العربيّة، والدويلات الموالية للروم التي باتت تشكل حرباً وتهديداً للمسلمين بتحالفها السياسي والعسكري مع البيزنطيين، الذي أثمر بوقوفهم جنباً إلى جنب ضد المسلمين في مؤتة.
لذلك جهّز النّبيّ صلى الله عليه وسلم جيشاً من الفرسان، أسند قيادته لفارسٍ مغوارٍ حقّق لتوه نجاحاً منقطع النظير في معركة مؤتة التي دارت أحداثها في محيط المنطقة، ومع نفس العدوّ.
ذلكم هو سيف الله المسلول، خالد بن الوليد رضي الله عنه، وصدرت الأوامر النّبويّة العليا لقائد الجيش بأن يتوجّه تلقاء دومة الجندل١.تلك الدويلة الصّغيرة التي كانت تتمتّع باستقلال ذاتي بوسط بلاد كلب، ويملكها الأكيدر بن عبد الملك الكندي الذي كان نصرانياً يدين بالولاء للدولة البيزنطية.