للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

انكشف جمع عيينة، وتبعهم أصحاب النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فأصابوا منهم رجلاً أو رجلين فأسروهما أسراً١".

ونفَّذ عُيينة بجلده هارباً، بعد أن دخله الرعب من المسلمين، فانهزم

على فرس له عتيق يعدو به عدواً سريعاً، لا يلوي على شئ، حتَّى إنَّ حليفة الحارث بن عوف المري لمَّا استوقفه ليسأله عن شأنه، ردَّ عليه:

[٧] "لا ما أقدرُ! الطلب خلفي! أصحاب محمَّد! وهو يركض". قال الحارث بن عوف: "أما لك بعد أن تبصر ما أنت عليه؟ إنَّ محمَّداً قد وطئ البلاد وأنت مُوضِعٌ في غير شيء". قال الحارث: "فتنحيت عن سَنن٢ خيل محمَّد حتَّى أراهم ولا يروني، فأقمت من حين زالت الشمس إلى الليل، ما أرى أحداً - وما طلبوه إلاَّ الرعب الذي دخله". قال: "فلقيته بعد ذلك، فقال الحارث: "فلقد أقمت في موضع حتى الليل، ما رأيت من طلب". قال عيينة: "هو ذاك، إني خفتُ الإسار، وكان أثري عند محمَّدٍ ما تعلم في غير موطن". قال الحارث: "أيُّها الرجل، قد رأيت ورأينا معك أمراً بيِّناً في بني النضير، ويوم الخندق، وقريظة، وقبل ذلك قينقاع، وفي خيبر، إنَّهم كانوا أعزّ يهود الحجاز كُلِّه، يُقِرُّون لهم بالشجاعة والسَّخاء، وهم أهل حُصون منيعة، وأهل نخل، واللهِ إن كانت


١ من رواية الواقدي، وقد سبق تخريجها برقم [١] .
٢ سَنَنُ الطريق، مثلثة وبضمتين: نهجه وجهته. (القاموس: سن) .

<<  <   >  >>