"وقد تركت رؤساء الضاحية على مثل ما أنتم عليه من العداوة لمُحَمَّد". قالت قريش:"فما الرأي، فأنت سيِّد أهل الوبر؟ قال: "نقضي هذه المدَّة التي بينكم وبينه، ونستجلب العرب، ثُمَّ نغزوه في عُقْرِ داره، وأقام أياماً يجول في مجالس قريش، ويسمع به نَوْفَل ابن معاوية الدِّيَلِيِّ، فنَزل من باديته فأخبره بما قال لقُرَيْش، فقال نَوْفَل:"إذاً لأجِدُ عندكم شيئاً! قدمت الآن لمقدمك حيث بلغني، ولنا عدوٌّ قريبٌ دارُه، وهم عَيْبَة نُصْح محمَّد لا يغيبون عليه حرفاً من أُمورنا، قال: "من هُم؟ قال:"خُزاعة، قال: "قَبُحَت خزاعة؛ قعدت بها يمينها! قال فروَة:"فماذا؟ قال: "استنصرْ قُرَيْشاً أن يعينونا عليهم، قال فروة:"فأنا أكفيكم". فلقي رؤساءَهم، صفوان ابن أُمَيَّة، وعبد الله بن أبي ربيعة، وسُهَيْل بن عمرو، فقال:"ألا ترون ماذا نزل بكم! إنَّكم رضيتم أن تدافعوا مُحَمَّداً بالراح". قالوا:"فما نصنع؟ قال: "تُعينون نَوْفَل بن مُعاوية على عدوِّه وعدوِّكم". قالوا: "إذاً يغزونا محمَّدٌ فيما لا قِبَلَ لنا به فيوطئنا غَلَبَةً، وننْزِل على حُكْمِهِ، ونحن الآن في مُدَّة وعلى ديننا". فلقي نوفل ابن معاوية، فقال: "ليس عند القوم شيء، ورجع فلقي عيينة والحارث فأخبرهم، وقال:"رأيت قومه قد أيقنوا عليه فقاربوا الرجل وتدبَّروا الأمر، فقدَّموا رِجْلاً وأخَّروا أُخرى١".