للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول خبَّاب بن الأرت - رضي الله تعالى عنه: "أتيت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وهو متوسِّد بردَةً وهو في ظِلّ الكعبة - وقد لقينا من المشركين شِدَّة - فقلت:

يا رسول الله! ألا تدعو لنا؟ فقعد وهو محمَّرٌ وجهه، فقال: "لقد كان من قبلكم ليمشط بمشاطِ الحديد، ما دون عظامه من لحم أو عصب، ما يصرفه ذلك عن دينه، ويوضع المنشار على مفرق رأسه فيشق اثنتين، ما يصرفه ذلك عن دينه، وليتمَّن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت ما يخاف إلاَّ الله"١.

وقد عرف الصحابة - رضي الله تعالى عنهم - فيما بعد هذا الأمر، وفقهوه جيداً، لذلك نجدهم كانوا يتسابقون للانخراط في البعثات الدعوية كما في الرجيع، وبئر معونة، وغيرها من البعثات والسرايا النبوية التي كانت أهدافها جميعاً نشر الدعوة إلى الله - عزَّ وجلَّ، وذلك دون خوف أو وجل من العواقب التي كانوا يتوقعونها، بل كانوا يتحرَّقون لملاقاتها باندفاعٍ أدهش الأعداء قبل الأصدقاء، مِمَّا كان له أكبر الأثر في نجاح مسيرة الدَّعوة وانتشارها بسرعةٍ مذهلة فاقت كُلّ التوقعات، وصدق الله القائل في مُحْكَمِ كتابه: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُون} . [سورة الصّف، الآية: ٩] .


١ أخرجه البخاري (انظر: فتح الباري ٧/١٦٥) .

<<  <   >  >>