للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك الاستعداد الجيد، فإنَّ الخبر بمسير رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمسلمين من المدينة سريعاً لإمداد إخوانهم في مؤتة، ربَّما يكون قد وصل إلى مسامع الروم وحلفائهم أسرع مِمَّا كان متصوَّراً في ذلك الوقت:

[٧٩] نظراً للتأييد الإلهي للنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بتلك المعجزة النبوية التي خصَّه الله بها دون غيره من الأنبياء، وهي النَّصر بالرُّعب مسيرة شهر١.

والمسافة بين المدينة وبيت المقدس كانت تساوي مسيرة شهر في ذلك الوقت، فإذا علمنا أنَّ مؤتة كانت أقرب للمدينة من بيت المقدس، فإنه لا بُدَّ أن يكون الرعب قد دخل قلوب الروم وحلفائهم منذ اللحظة التي تحرَّك فيها النَّبيّ صلى الله عليه وسلم مع المسلمين من المدينة، فآثروا السلامة، مكتفين بما حقَّقوه في بداية المعركة، وتجنَّبوا المغامرة الخطرة في تعقُّب المسلمين، خوفاً من الاصطدام بالمدد النَّبَويِّ المتحرِّك سريعاً من المدينة صَوْب منطقة العمليات في مؤتة.

ولم توضِّح الرواية، ما حدث بعد ذلك، وإن كان ابن أبي شيبة، قد زاد في روايته للخبر أحداثاً تفرَّد بها حول سير النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بالمسلمين، ولكنَّها قد تكون مدرجة من حديثٍ آخر٢.


١ أخرج البخاري في الصحيح (فتح الباري ١/٤٣٦) عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عمهما قال: "إنَّ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "أُعطيت خمساً لم يُعطَهُنَّ أحدٌ قبلي: نُصِرتُ بالرُّعب مسيرة شهر، وجُعِلَت لي الأرض مسجداً وطهوراً، فأيُّما رجلٍ مِن أُمَّتي أدركته الصَّلاة فليُصَلِّ، وأُحِلَّت لي الغنائم ولم تُحَلّ لأحدٍ قبلي، وأُعطيت الشفاعة، وكان النَّبِيُّ يُبْعَثُ إلى قومه خاصّة، وبُعِثْتُ إلى الناس عامة".
٢ انظر: (المصنَّف ١٤/٥١٢ - ٥١٦) .

<<  <   >  >>