للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٨] بينما وردت عن خليفة بن خياط في ذلك روايتان، خالف في إحداهما أهل المغازي بجعلها في السَّنة السَّابعة١، ووافقهم في الرواية الثانية٢.

وقد احتجَّ ابن حجر على الترمذي - الذي ذكر أنَّ مؤتة كانت قبل عمرة القضاء٣ - مستغرباً ذهول الترمذي عن بعض الأحداث التي تتعارض مع ذلك٤".


١ ذكر ابن حجر (فتح ٧/٥١١) وتابعه الزرقاني (شرح ٢/٢٦٨) ، والشامي (سبل ٦/٢٢٨) : "أنَّ خليفة بن خياط ذكر في تاريخه أنَّها كانت سنة سبع، ولم أجد ذلك في كتاب التاريخ، وإنَّما وجدته في كتاب الطبقات له (في ترجمة عبد الله بن رواحة ٩٣) فلعلَّ ابن حجر ومتابعيه يقصدون ذلك. والله تعالى أعلم".
٢ انظر: تاريخ خليفة ٨٦-٨٧.
٣ ذكر ذلك الترمذي (سنن ٤/٢١٧، كتاب الأدب، باب إنشاد الشعر) حيث قال بعد إيراده حديث أنس رضي الله تعالى عنه: "أنَّ النَّبِيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم دخل مكة في عمرة القضاء، وعبد الله بن رواحة بين يديه يمشي وهو يقول:
خلوا بني الكُفَّار عن سبيله اليوم نضربكم على تنْزيله".. الخ الحديث.
قال: "ورُوِيَ في غير هذا الحديث: أنَّ النَّبِيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم دخل مكة في عمرة القضاء، وكعب بن مالك بين يديه. وهذا أصح عند بعض أهل الحديث، لأنَّ عبد الله ابن رواحة قُتِلَ يوم مؤتة، وإنَّما عمرة القضاء بعد ذلك".
٤ قال الحافظ (فتح ٧/٥٠٢) : "وهو ذهول شديد، وغلط مردود، وما أدري كيف وقع الترمذي في ذلك مع وفور معرفته، ومع أنَّ في قِصَّة عمرة القضاء اختصام جعفر وأخيه علي، وزيد بن حارثة في بنت حمزة، وجعفر قُتِل هو وزيد، وابن رواحة في موطنٍ واحدٍ، وكيف يخفى عليه - أعني الترمذي - مثل هذا؟! ثُمَّ وجدت عن بعضهم أنَّ الذي عند الترمذي من حديث أنس: أنَّ ذلك كان في فتح مكة، فإن كان كذلك اتجه اعتراضه، لكن الموجود بخط الكروخي راوي الترمذي ما تقدَّم، والله أعلم". وقال الشامي (سبل ٥/٣٠٠) أيضاً: وكذلك رأيته في عِدَّة نسخ من جامع الترمذي.
قلت: الترمذي رحمه الله تعالى لم يعترض من نفسه، وإنَّما أورد اعتراض بعض أهل
الحديث على الرواية فهو بذلك يعتبر ناقلاً لا معترضاً - سيِّما وأنه وُجِدَ في بعض مخطوطات السُّنَن (٢/٤٩/٢) : قيل: "إنَّ عمرة القضاء كانت في سنة سبع، وكانت مؤتة في سنة ثمان، والله أعلم وأحكم.
وربَّما أنَّ الحافظ رحمه الله تعالى احتجَّ على عدم تعليق الترمذي على ذلك مع ما عُرِفَ عنه من العقلية الناقدة". والله تعالى أعلم.

<<  <   >  >>