للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهكذا كان وَجْدُ الصَّحابة - رضي الله تعالى عنهم - على مَن أُصِيبوا بمؤتة شديداً، وكان مِمَّا بُكِيَ به أهل مؤتة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم:

[٩٦] قول حسَّان بن ثابت١:

تَأَوَّبَنِي لَيْلٌ بِيَثْرِبَ أَعْسَرُ ... وَهَمٌّ إذا نُوِّمَ الناسُ مُسْهِرُ٢

لِذِكْرَى حَبِيبٍ هَيَّجت لِي عَبْرَةٌ ... سَفُوحاً وَأَسْبَابُ البُكَاءِ التَّذَكُّرُ٣

بَلَى! إنَّ فُقْدَانَ الْحَبِيبِ بَلِيَّةٌ ... وَكَمْ مِنْ كَرِيمٍ يُبْتَلَى ثُمَّ يَصْبِرُ

رَأَيْتُ خِيَارَ النَّاسِ تَوَارَدُواْ ... شَعُوباً وخلفاً بعَدَهُم يَتأخَّرُ٤

فَلا يُبْعِدَنَّ اللهُ قَتْلَى تَتَابَعُواْ ... بِمُؤْتَةَ مِنْهُم ذُو الْجَناحَينِ جَعْفَرُ٥

وزَيْدٌ، وعبدُ اللهِ حِينَ تَتَابَعُوا ... جَمِيعاً وَأَسْبَابُ المَنِيَّة تَخْطُرُ


١ ذكره ابن هشام (سيرة ٤/٣٨٣-٣٨٤) عن ابن إسحاق الذي رواه معضلاً بلا سند. وانظر ديوان حسان بن ثابت: ١٠٧-١٠٨.
٢ تأوَّبني: أي عاودني ورجع إليَّ. وأعسر: معناه عسير. ومسهر: أي مانع من النوم.
٣ عبرة: أي دمعة. والسفوح: السائلة.
٤ تواردوا شعوب - بفتح الشين - اسم للمنية، من قولك: شَعبت الشيء إذا مزَّقته. وخلفاً: يعني مَن يأتي بعد.
٥ أسباب المنية تخطر: يقال خطر في مشيته، إذا تبختر فيها وتحرَّك.
٦ ميمون النقيبة: أي مسعود ومنجح فيما يطلبه، وأزهر: أي أبيض.
٧ أبيٌّ: عزيزُ. سِيمَ: إذا كلَّف. مجسر: كثير الجسارة.
٨ المعترك: موضع الحرب.
٩ الحدائق: الجنات، واحدتها حديقة.

<<  <   >  >>