للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"ومثل هذا التدبير من خالد، ليس بالعمل الميسور الذي يستطيعه كُلّ قائد، بل هو عمل عظيم جسيم يتطلَّب مهارةً وحزماً، ورباطة جأش، وثقةً بنصر الله، وكثيراً ما عرف التاريخ قُوَّاداً عِظاماً كان السر في شهرتهم إنجاء جيوشهم من مثل هذا الموقف الحرج الذي لو اختلَّ أقل تدبير فيه لفني الجيش"١، ولكن خالد بن الوليد - رضي الله تعالى عنه - كان له قصب السِّبْق في ذلك، فعلى الرغم من ضغط القوَّات المتحالفة على المسلمين بشدَّة، وكثرة كاثرة، استطاع ذلك البطل أن ينظم انسحاباً قوياً ناجحاً دون أدنى خسائر تُذْكَر، مع الإثخان في العدو، وهو أمر يخالف ما جرت به العادة من أنَّ المنسحِب هو الذي في الغالب يتكبَّد الخسائر، فلمَّا صار العكس وأفلت خالد - رضي الله تعالى عنه - بجيشه من قبضة العدوّ رغم تشديدهم الضغط عليهم، اعتبره المصطفى صلى الله عليه وسلم فتحاً، بل نصراً مؤزَّراً، استحق عليه اللقب الذي قلَّده إياه القائد الأعلى للقوَّات الإسلامية، وهو الذي شاهد أحداث المعركة عِياناً بواسطة النقل الإلهي.

"ولقد عرف له الرسولُ صلى الله عليه وسلم حسن تدبيره"٢، "ونجاحه في الانسحاب بجيشه بانتظام دونما خسارة تذكر"٣، "فلقَّبه سيف الله وهو وسام لم يمنحه أحَد من الصحابة"٤، "بل هو أوَّل وسام يمنح لقائد في


١ أبو زيد شلبي: خالد بن الوليد ٦٤.
٢ أبو زيد شلبي: خالد بن الوليد ٦٤.
٣ با شميل: غزوة مؤتة ٢٦١.
٤ أبو زيد شلبي: خالد بن الوليد ٦٤.

<<  <   >  >>