للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الملائكة، وقد قال الله تعالى لموسى: {اضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جِنَاحِكَ} [سورة طَه، الآية: ٢] . فعبّر عن العضد بالجناح توسعاً، وليس ثَمَّ طيران، فكيف بمن أعطي القوة على الطيران مع الملائكة أخليق إذاً أن يوصف بالجناح مع كمال الصّورة الآدمية، وتمام الجوارح البشريّة، وقد قال أهل العلم في أجنحة الملائكة: "ليست كما يتوهم من أجنحة الطير، ولكنّها صفات ملكية لا تفهم إلاّ بالمعاينة، واحتجوا بقوله تعالى: {أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاع} . [سورة فاطر، الآية: ١] . فكيف تكون كأجنحة الطير على هذا، ولم ير طائر له ثلاثة أجنحة ولا أربعة، فكيف بستمائة جناح كما في صفة جبريل - عليه السلام، فدلّ على أنّها صفات لا تنضبط كيفيتها للفكر، ولا ورد - أيضاً - في بيانها خبر، فيجب علينا الإيمان بها، ولا يفيدنا علماً إعمال الفكر في كيفيتها، وكلّ امرئ قريب من معاينة ذلك١".

قال ابن حجر: "هذا الذي جزم به في مقام المنع، والذي نقله عن العلماء، ليس صريحاً في الدلالة لما ادعاه، ولا مانع من الحمل على الظاهر إلاّ من جهة ما ذكره من المعهود، وهو من قياس الغائب على الشاهد، وهو ضعيف، وكون الصورة البشرية أشرف الصور لا يمنع من حمل الخبر على ظاهره، لأنّ الصورة باقية، وقد روى البيهقي في الدلالة من مرسل عاصم ابن عمر بن قتادة: "أنّ جناحي جعفر من ياقوت، وجاء في جناحي جبريل أنهما من لؤلؤ، أخرجه ابن منده في ترجمة ورقة٢".


١ الروض الأنف ٧/٣٨-٣٩.
٢ فتح الباري ٧/١٦٥.

<<  <   >  >>