للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبعد مناقشة الأمر مع فضيلته، اقترح عليَّ أن أقتصر على غزوة مؤتة مع السرايا والبعوث النّبوّيّة الشَمالية. وفعلاً تمَّ اختيار الموضوع بهذا العنوان: [غزوة مؤتة، والسّرايا والبعوث النّبوّيّة الشّماليّة - دراسة نقدية] .

إنّ الأهمية التي تمثلها هذه الدراسة، هو أنّ معظم الدراسات الحديثة للسرايا والبعوث النبوية هي في الغالب سرد المعلومات المختلفة التي وردت عنها في المصادر القديمة دون تمحيص، وبخاصّة ما ورد عنها في مغازي الواقدي، وتلميذه ابن سعد في طبقاته، باعتبارهما من المصادر القليلة القديمة المتوفرة التي أفردت أبواباً كثيرة للسرايا والبعوث، مع إيراد معلومات مفصَّلة عن الأحداث، وقد يُعْذَرُ الباحثون المعاصرون في اعتمادهم هذين المصدرين فقد اعْتُمِدَ عليهما من قِبل معظم كُتّاب المغازي المتأخرين، أمثال ابن سيد الناس، والمقريزي، والحلبي، والشامي، والقسطلاني، والذهبي، وابن حجر، وابن القيم، وغيرهم.

وإنّه من استقراء منهجَي الواقدي، وتلميذه ابن سعد، في رواياتهما عن السرايا والبعوث، فقد لاحظت أنّ الواقدي يحشد معلومات وفيرة، وتفصيلية عن الأحداث، وربما ينفرد بها عن غيره من أهل المغازي، وقد تابعه في ذلك تلميذه ابن سعد، وبخاصّة الروايات التي يسوقها عن شيوخه بلفظ: ((قالوا)) ، وهي في الغالب منقولة عن شيخه الواقدي لتطابق المعلومات بينهما.

والواقدي متروك عند المحدِّثين، لذلك حاولت قدر المستطاع عدم الاعتماد على روايته إلاّ في الجوانب التي لا تختصّ بالأمور العقدية والشرعية ونحتاج إليها لإكمال الإطار التاريخي للحادثة.

<<  <   >  >>