للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي أعقاب صلح الحديبية بعث الرسول صلى الله عليه وسلم أربعة من رجاله إلى العالم النصراني: دِحْيَة بن خليفة الكلبي إلى الإمبراطور البيزنطي هرقل، وحاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس حاكم مصر، وعمرو بن أمية الضمري إلى النجاشي حاكم الحبشة، وشجاع بن وهب الأسدي إلى المنذر بن الحارث بن أبي شمر الغساني حاكم دمشق.

لقد أوضحت تلك الكتب والرسائل التي بعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ذلك العالم "أنّ هذا الدين ليس دين عربٍ أو جزيرة عربية، وإنّما هو دين الإنسان حيثما كان هذا الإنسان، ونداء إلى السلطات الحاكمة أن تستجيب للدعوة أو تسمح - على الأقل - لدعاتها بممارسة نشاطها بحريّة، ولشعوبها في مقابلة هؤلاء الدعاة والاستماع إليهم لكي يختاروا عقيدتهم على بيّنةٍ، بعيداً عن الضغط والقسر والإكراه، وإنذاراً لهذه السلطات بأنّها إن لم تُلَبِّ وتستجب، فإنّ جيوش الدعوة الجديدة ستنساح عمّا قريب في مشارق الأرض ومغاربها لكي تسقط التيجان، وتثلُّ العروش، وتنْزل السلطات من مناصبها العليا، وتخرج الناس بذلك وحده من ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن عبادة العباد إلى عبادة الله وحده ١.

ويبدو أنّ تلك السلطات بما لها من قوّة سياسية وعسكرية مؤثّرة في المنطقة، رأت في ذلك استفزازاً لها وتعدياً على كبريائها، وانتهاكاً لسيادتها


١ خليل: دراسة ٢٨٣-٢٨٦، ٢٩٣.

<<  <   >  >>