للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واجتمع كبار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخليفة فقالوا:

[٣٧] "يا خليفة رسول الله! إنّ العرب قد انتقضت عليك من كلّ جانب، وإنّك لا تصنع بتفريق هذا الجيش المنتشر شيئاً، اجعلهم عدّة لأهل الردّة، ترمي بهم في نحورهم! وأخرى، لا نأمن على أهل المدينة أن يُغار عليها وفيها الذراري والنساء، فلو استأنيت لغزو الروم حتّى يضرب الإسلام بجرانه١، وتعود الرّدّة إلى ما خرجوا منه أو يفنيهم السيف، ثُمَّ تبعث أُسامة حينئّذٍ فنحن نأمن الروم أن تزحف إلينا، فلمّا استوعب أبو بكر رضي الله عنه كلامهم، قال: هل منكم أحدٌ يريد أن يقول شيئاً؟ قالوا: لا. قد سمعت مقالتنا. فقال: والذي نفسي بيده، لو ظننت أنّ السباع تأكلني بالمدينة لأنفذت هذا البعث، ولا بدأت بأوّل منه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينْزل عليه الوحي من السماء يقول: أنفذوا جيش أُسامة! ولكن خصلة أُكَلِّم أُسامة في عمر يخلفه يقيم عندنا، فإنّه لا غناء بنا عنه. والله ما أدري يفعل أُسامة أم لا، والله إن رأى لا أُكْرِهُهُ! فعرف القوم أنّ أبا بكر قد عزم على إنفاذ بعث أُسامة، ومشى أبو بكر رضي الله عنه إلى أُسامة في بيته وكلّمه أن يترك عمر، ففعل أُسامة، وجعل يقول له: أذنت ونفسك طيبة؟ فقال أُسامة: نعم. وخرج وأمر


١ الجران: باطن عنق البعير، أي: حتّى يقرّ قراره ويستقيم، كما أنّ البعير إذا برك واستراح، مدّ عنقه على الأرض. (النهاية ١/١٥٨) .

<<  <   >  >>