للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

انطلقوا حتى إذا دنوا من الجيش، قال أبو زيد، وحبان، لأنيف ابن ملّة: كُفَّ عنا وانصرِف فإنَّا نخشى لسانك، فوقف عنهما، فلم يَبْعُدا منه حتى جعلت فرسه تبحث بيديها وتوثب، فقال: لأنا أضنّ بالرجلين منك بالفرسين، فأرخى لها حتى أدركهما، فقالا له: أما إذا فعلت ما فعلت فكُفَّ عنَّا لسانك، ولا تشأمنا اليوم، فتواصوا ألاّ يتكلَّم منهم إلاَّ حبَّان بن ملّة، وكانت بينهم كلمة في الجاهلية قد عرفها بعضهم من بعض، إذا أراد أحدهم أن يضرب بسيفه قال: بُورِي أو ثُورِي؛ فلمَّا برزوا على الجيش، أقبل القوم يبتدرونهم، فقال لهم حبان: إنَّا قومٌ مُسلمون، وكان أوَّل مَن لقيهم رجل على فرسٍ أدهم، فأقبل يسوقهم، فقال أُنيف: بُوري، فقال حبَّان: مَهْلاً، فلمَّا وقفوا على زيد بن حارثة قال حبان: إنَّا قومٌ مسلمون، فقال له زيد: فاقرءوا أُمّ الكتاب، فقرأها حبَّان، فقال زيد بن حارثة: نادوا في الجَيْش أنَّ الله قد حرَّم علينا ثُغْرَة١ القوم التي جاءوا منها إلاَّ مَن خَتَر٢. وإذا أخت حبان بن ملَّة، وهي امرأة أبي وَبْر بن عدي ابن أُميَّة ابن الضبيب في الأُسارى، فقال له زيد: خُذْها، وأخَذَت بحقويه٣، فقالت أُم الفِزر الضُّلعية: أتنطلقون ببناتكم وتَذَرون


١ ثغرة القوم: ناحيتهم التي يحمونها.
٢ خَتَرَ: نقضَ العهد.
٣ بحقويه: بخصريه.

<<  <   >  >>