عن المهمة التي جاءوا من أجلها، وهي أشرف مهمة .. بالرغم من هذا كله، بعث برسالة إلى المجاهدين في فلسطين يقول فيها:«إِنَّهُ لاَ شَأْنَ لِلْمُتَطَوِّعِينَ بِالحَوَادِثِ التِي تَجْرِي فِي مِصْرَ .. مَا دَامَ فِي فِلِسْطِينَ يَهُودِيٌّ وَاحِدٌ يُقَاتِلُ .. فَإِنَّ مُهِمَّتَهُمْ لَمْ تَنْتَهِ».
* * *
إن المقام لا يتسع لضرب الأمثلة .. وما أكثرها في حياة الرجل. والتي تجلت فيها عبقريته الفذة، وبصيرته النافذة، والتي لا يسع الإنسان حيالها إلا أن ينحني إجلالاً وتقديرًا لها .. وتبدو هذه العبقرية الفذة أكثر ما تبدو من خلال الشدائد التي تنوء بحملها الجبال الرواسي، والتي لا تطيقها إلا أعصاب من فولاذ ..
بعد مصرع النقراشي في أواخر ديمسبر عام ١٩٤٨، عرض الإمام الشهيد على حكومة إبراهيم عبد الهادي خليفة النقراشي في الحكم والإرهاب مَعًا، أن تعتقله، والحق أنه جدد العرض الذي سبق أن عرضه إثر حل الإخوان ليشارك في المحنة، ورفض عرضه في المرتين، وأيقن الرجل في المرة الأخيرة أن هناك أمرًا يدبر له، لا سيما وأن الغوغائيين هتفوا في تشييع جنازة النقراشي: رأس البنا برأس النقراشي .. وكذلك أيقن الرجل أن حكومة السعديين وعلى رأسها إبراهيم عبد الهادي لا تمت إلى المدنية بصلة، إن عقليتها تحولت